وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يا أيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ الله لَكَ ﴾
فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ يا أيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ الله لَكَ ﴾ ثبت في صحيح مسلم " عن عائشة رضي الله عنها : أن النبيّ ﷺ، كان يمكث عند زينب بنت جَحْش فيشرب عندها عَسَلاً ؛ قالت : فتواطأتُ أنا وحفصة أنّ أيَّتَنَا ما دخل عليها رسول الله ﷺ فلتقل : إني أجد منك رِيح مَغَافِير! أَكَلْتَ مَغَافِير؟ فدخل على إحداهما فقالت له ذلك.
فقال :"بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له" " فنزل :﴿ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ الله لَكَ ﴾ إلى قوله ﴿ إِن تَتُوبَآ ﴾ ( لعائشة وحفصة )، ﴿ وَإِذَ أَسَرَّ النبي إلى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً ﴾ لقوله :" "بل شربتُ عسلاً".
وعنها أيضاً قالت : كان رسول الله ﷺ يحب الحَلْواء والعسل، فكان إذا صلّى العصر دار على نسائه فيَدْنُو منهنّ ؛ فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبِس ؛ فسألتُ عن ذلك فقيل لي : أهدت لها امرأةٌ من قومها عُكّةً من عسل، فسقت رسولَ الله ﷺ منه شَرْبَةً.
فقلت : أمَا والله لَنَحْتَالَنَّ له، فذكرت ذلك لسَوْدةَ وقلت : إذا دخل عليكِ فإنه سَيَدْنُو منكِ فقولي له : يا رسول الله، أكَلْتَ مَغَافِير؟ فإنه سيقول لكِ لا.
فقولي ( له ) : ما هذه الريح؟ وكان رسول الله ﷺ يشتدّ عليه أن يوجد منه الريح فإنه سيقول لكِ سَقَتْني حَفْصَةُ شربةَ عسلٍ.
فقولي له : جَرَسَتْ نَحلُه العُرْفُطَ.
وسأقول ذلك له، وقوليه أنتِ يا صفِيّة.
فلما دخل على سَوْدَةَ قالت : تقول سَوْدَةَ والله الذي لا إله إلا هو لقد كِدْتُ أن أبادِئه بالذي قلتِ لي، وإنه لعلى الباب، فَرَقاً منك.