فقال لها :"لا تَذْكُرِي هذا لعائشة فهي عليّ حرام إن قَرُبْتُها" قالت حفصة : وكيف تحرّم عليك وهي جاريتك؟ فحلف لها ألا يَقْرَبها.
فقال النبي ﷺ :"لا تذكريه لأحد".
فذكرته لعائشة، فآلَى لا يدخل على نسائه شهراً، فاعتزلهنّ تسعا وعشرين ليلة " ؛ فأنزل الله عز وجل ﴿ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ الله لَكَ ﴾ الآية.
الثانية : أصحّ هذه الأقوال أوّلها.
وأضعفها أوسطها.
قال ابن العربيّ :"أما ضعفه في السند فلعدم عدالة رواته، وأما ضعفه في معناه فلأن ردّ النبيّ ﷺ للموهوبة ليس تحريماً لها ؛ لأن من ردّ ما وُهب له لم يَحْرُم عليه، إنما حقيقة التحريم بعد التحليل.
وأما من روى أنه حَرّم مارية القبطية فهو أمثل في السند وأقرب إلى المعنى ؛ لكنه لم يدوّن في الصحيح.
وروي مرسلاً.
وقد روى ابن وهب عن مالك عن زيد بن أسلم قال :" حرّم رسول الله ﷺ أمّ إبراهيم فقال :"أنت عليّ حرام والله لا آتينّك".
فأنزل الله عز وجل في ذلك :﴿ يا أيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ الله لَكَ ﴾ " وروى مثله ابن القاسم عنه.
وروى أشهب عن مالك قال : راجعتْ عمرَ امرأةٌ من الأنصار في شيء فاقشعرّ من ذلك وقال : ما كان النساء هكذا! قالت : بلى، وقد كان أزواج النبيّ ﷺ يراجعنه.
فأخذ ثوبه فخرج إلى حفْصة فقال لها : أتراجعين رسول الله ﷺ ؟ قالت : نعم، ولو أعلم أنك تكره ما فعلت.
فلما بلغ عمر أن رسول الله ﷺ هجر نساءه قال : رَغِمَ أنْفُ حفصة.
وإنما الصحيح أنه كان في العسل وأنه شربه عند زينب، وتظاهرت عليه عائشة وحفصة فيه، فجرى ما جرى فحلف ألا يشربه وأسرّ ذلك.
ونزلت الآية في الجميع.
الثالثة : قوله تعالى :﴿ لِمَ تُحَرِّمُ ﴾ إن كان النبيّ ﷺ حرّم ولم يحلف فليس ذلك بيمين عندنا.