وقيل : التّحِلّة الكفارة ؛ أي إنها تُحِل للحالف ما حَرّم على نفسه ؛ أي إذا كَفّر صار كمن لم يحلف.
﴿ والله مَوْلاَكُمْ ﴾ وَلِيّكم وناصركم بإزالة الحظر فيما تحرّمونه على أنفسكم، وبالترخيص لكم في تحليل أيمانكم بالكفارة، وبالثواب على ما تخرجونه في الكفارة.
قوله تعالى :﴿ وَإِذَ أَسَرَّ النبي إلى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً ﴾
أي واذكر إذ أسرّ النبيّ إلى حفصة "حَدِيثاً" يعني تحريم مارية على نفسه واستكتامه إياها ذلك.
وقال الكَلبيّ : أسرّ إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتيّ على أمّتي من بعدي ؛ وقاله ابن عباس.
قال : أسرّ أمر الخلافة بعده إلى حفصة فذكرته حفصة.
روى الدَّارَقُطْنيّ في سننه عن الكَلْبي عن أبي صالح :" عن ابن عباس في قوله تعالى :﴿ وَإِذَ أَسَرَّ النبي إلى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً ﴾ قال : اطلعت حفصة على النبيّ ﷺ مع أم إبراهيم فقال :"لا تخبري عائشة" وقال لها "إن أباك وأباها سيملكان أو سَيَلِيَان بعدي فلا تخبري عائشة" قال : فانطلقت حفصة فأخبرت عائشة فأظهره الله عليه، فعرّف بعضه وأعرض عن بعض.
قال أعرض عن قوله :"إن أباكِ وأباها يكونان بعدي" " كره رسول الله ﷺ أن ينشر ذلك في الناس.
﴿ فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ ﴾ أي أخبرت به عائشة لمصافاة كانت بينهما، وكانتا متظاهرتين على نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم.
﴿ وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ ﴾ أي أطلعه الله على أنها قد نَبَّأت به.
وقرأ طلحة بن مُصَرِّف "فلما أنبأت" وهما لغتان : أنبأ ونَبّأ.
ومعنى "عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَض عَنْ بَعْضٍ" عَرَّف حفصة بعض ما أوحي إليه من أنها أخبرت عائشة بما نهاها عن أن تخبرها، وأعرض عن بعض تَكَرُّماً ؛ قاله السُّدّي.
وقال الحسن : ما استقصى كريمٌ قطّ ؛ قال الله تعالى :﴿ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ﴾.