ولما كان الإنسان مجبولاً على النقصان، وكان الإخلاص يدل صاحبه على تقصيره فكان ربما فتره ذلك، قال تسهيلاً لخدمته وتقريباً لدوام طاعته معلماً الأدب لمحتاجه ﴿تائبات﴾ أي راجعات من الهفوات أو الزلات سريعاً إن وقع منهن شيء من ذلك.
ولما كان هذا مصححاً للعبادة مسهلاً لدوامها قال :﴿عابدات﴾ أي مديمات للعبادة بسبب إدامة تجديد التوبة.
ولما كان دوام العبادة مسهلاً للخروج عن الدنيا قال :﴿سائحات﴾ أي متصفات بصفات الملائكة من التخلي عن الدنيا والاستغراق في الآخرة بما أدناه الصيام ماضيات في ذلك غاية المضاء ليتم الانقياد لله ولرسوله ـ ﷺ ـ، لأن من كان هكذا لم يكن له مراد، فكان تابعاً لربه في أمره دائماً ويصير لطيف الذات حلو الشمائل، قال الملوي : والمرأة إذا كانت كثيرة الصيام قليلة الأكل يقل عرقها ويصغر كرشها وتلطف رائحتها وتخف حركتها لما يراد منها - انتهى.
وسوق هذه الأوصاف هذا السياق في عتاب من هو متصف بها معرف أن المراد منها التمام لا سيما وهي لا يوجد وصف منها على سبيل الرسوخ إلا كان مستلزماً لسائرها، فلذلك لم يحتج في تعدادها إلى العطف بالواو.
والتجريد عنه أقعد في الدلالة على إرادة اجتماعها كلها.
ولما أكمل الصفات الدينية النافعة في أمر العشرة ولم يبق إلا الصفات الكونية وكان التنويع إلى عارفة بالعشرة وباقية على أصل الفطرة، ألذ وأشهى إلى النفس، قال مقسماً للنساء المتصفات بالصفات الست عاطفاً ثاني الوصفين بالواو للتضاد ﴿ثيبات﴾ قدمهن لأنهن أخبر بالعشرة التي هذا سياقها ﴿وأبكاراً ﴾. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٨ صـ ٤٧ ـ ٥١﴾


الصفحة التالية
Icon