وقال ابن عطية فى الآيات السابقة :
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ﴾
روي في الحديث عن زيد بن أسلم والشعبي وغيرهما ما معناه أن رسول الله ﷺ لما أهدى المقوقس مارية القبطية اتخذها سرية، فلما كان في بعض الأيام وهو يوم حفصة بنت عمر، وقيل بل كان في يوم عائشة، جاء رسول الله ﷺ إلى بيت حفصة فوجدها قد مرت إلى زيارة أبيها، فبعث رسول الله ﷺ في جاريته فقال معها، فجاءت حفصة فوجدتهما فأقامت خارج البيت حتى أخرج رسول الله ﷺ مارية وذهبت، فدخلت حفصة غيرى متغيرة اللون فقالت : يا رسول الله أما كان في نسائك أهون عليك مني؟ أفي بيتي وعلى فراشي؟ فقال لها رسول الله ﷺ مترضياً لها : أيرضيك أن أحرمها قالت : نعم، فقال : إني قد حرمتها. قال ابن عباس، وقال مع ذلك والله لا أطؤها أبداً، ثم قال لها : لا تخبري بهذا أحداً، فمن قال إن ذلك كان في يوم عائشة، قال استكتمها خوفاً من غضب عائشة وحسن عشرتها، ومن قال : كان في يوم حفصة، قال استكتمتها لنفس الأمر، ثم إن حفصة رضي الله عنها قرعت الجدار الذي بينها وبين عائشة، وأخبرتها لتسرها بالأمر، ولم ترض إفشاءه إليها حرجاً واستكتمتها، فأوحى الله بذلك إلى نبيه، ونزلت الآية. وروي عن عكرمة أن هذا نزل بسبب شريك التي وهبت نفسها للنبي ﷺ، وذكر النقاش نحوه عن ابن عباس، وروى عبد بن عمير عن عائشة أن هذا التحريم المذكور في الآية، إنما هو بسبب شراب العسل الذي شربه ﷺ عند زينب بنت جحش، فتمالأت عائشة وحفصة وسودة على أن تقول له : من دنا منها، أكلتَ مغافير، والمغافير صمغ العرفط، وهو حلو ثقيل الريح، ففعلن ذلك، فقال رسول الله ﷺ :" ولكني شربت عسلاً "، فقلن : جرست نحله العرفط، فقال رسول الله ﷺ :" لا أشربه أبداً " وكان يكره أن توجد منه رائحة ثقيلة، فدخل بعد ذلك على زينب، فقالت :