وجمعت تلك الكلمة هنا، وقال أبو علي الفارسي : الكلمات الشرائع التي شرع لها دون القول، فكأن المعنى صدقت الشرائع وأخذت بها وصدقت الكتب فلم تكذب والشرائع سميت بكلمات كما في قوله تعالى :﴿وَإِذِ ابتلى إبراهيم رَبُّهُ بكلمات﴾ [ البقرة : ١٢٤ ] وقوله تعالى :﴿صَدَّقْتَ﴾ قرىء بالتخفيف والتشديد على أنها جعلت الكلمات والكتب صادقة يعني وصفتها بالصدق، وهو معنى التصديق بعينه، وقرىء ( كلمة ) و ( كلمات )، و ( كتبه ) و ( كتابه )، والمراد بالكتاب هو الكثرة والشياع أيضاً قوله تعالى :﴿وَكَانَتْ مِنَ القانتين﴾ الطائعين قاله ابن عباس، وقال عطاء : من المصلين، وفي الآية مباحث.
البحث الأول : ما كلمات الله وكتبه ؟ نقول : المراد بكلمات الله الصحف المنزلة على إدريس وغيره، وبكتبه الكتب الأربعة، وأن يراد جميع ما كلم الله تعالى ( به ) ملائكته وما كتبه في اللوح المحفوظ وغيره، وقرىء :﴿بِكَلِمَةِ الله وكتابه﴾ أي بعيسى وكتابه وهو الإنجيل، فإن قيل :( لم قيل ) ﴿مِنَ القانتين﴾ على التذكير، نقول : لأن القنوت صفة تشمل من قنت من القبيلين، فغلب ذكوره على إناثه، ومن للتبعيض، قاله في "الكشاف"، وقيل : من القانتين لأن المراد هو القوم، وأنه عام، ك ﴿اركعي مَعَ الراكعين﴾ [ آل عمران : ٤٣ ] أي كوني من المقيمين على طاعة الله تعالى، ولأنها من أعقاب هارون أخي موسى عليهما السلام.


الصفحة التالية
Icon