٣ ] وإن كانوا لا ينفذون في جرم السماء، فكيف يمكنهم أن يسمعوا أسرار الملائكة من ذلك البعد العظيم، ثم إن جاز أن يسمعوا كلامهم من ذلك البعد العظيم، فلا يسمعوا كلام الملائكة حال كونهم في الأرض ورابعها : أن الملائكة إنما اطلعوا على الأحوال المستقبلة، إما لأنهم طالعوها في اللوح المحفوظ أو لأنهم تلقفوها من وحي الله تعالى إليهم، وعلى التقديرين فلم لم يسكتوا عن ذكرها حتى لا يتمكن الجن من الوقوف عليها وخامسها : أن الشياطين مخلوقون من النار، والنار لا تحرق النار بل تقويها، فكيف يعقل أن يقال : إن الشياطين زجروا عن استراق السمع بهذه الشهب وسادسها : أنه كان هذا الحذف لأجل النبوة فلم دام بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وسابعها : أن هذه الرجوم إنما تحدث بالقرب من الأرض، بدليل أنا نشاهد حركتها بالعين ولو كانت قريبة من الفلك، لما شاهدنا حركتها كما لم نشاهد حركات الكواكب، وإذا ثبت أن هذه الشهب إنما تحدث بالقرب من الأرض، فكيف يقال : إنها تمنع الشياطين من الوصول إلى الفلك وثامنها : أن هؤلاء الشياطين لو كان يمكنهم أن ينقلوا أخبار الملائكة من المغيبات إلى الكهنة، فلم لا ينقلون أسرار المؤمنين إلى الكفار، حتى يتوصل الكفار بواسطة وقوفهم على أسرارهم إلى إلحاق الضرر بهم ؟ وتاسعها : لم لم يمنعهم الله ابتداء من الصعود إلى السماء حتى لا يحتاج في دفعهم عن السماء إلى هذه الشهب ؟.
والجواب عن السؤال الأول : أنا لا ننكر أن هذه الشهب كانت موجودة قبل مبعث النبي ﷺ لأسباب أخر، إلا أن ذلك لا ينافي أنها بعد مبعث النبي عليه الصلاة والسلام قد توجد بسبب آخر وهو دفع الجن وزجرهم.