الآية تحتمل ثلاثة أوجه : أحدها : أن يكون ﴿مَنْ خَلَقَ﴾ في محل الرفع والمنصوب يكون مضمراً والتقدير ألا يعلم من خلق مخلوقه وثانيها : أن يكون من خلق في محل النصب ويكون المرفوع مضمراً، والتقدير ألا يعلم الله من خلق والاحتمال الأول أولى لأن الاحتمال الثاني يفيد كونه تعالى عالماً بذات من هو مخلوقه، ولا يقتضي كونه عالماً بأحوال من هو مخلوقه والمقصود من الآية هذا لا الأول وثالثها : أن تكون ﴿مَنْ﴾ في تقدير ما كما تكون ما في تقدير من في قوله :﴿والسماء وَمَا بناها﴾ [ الشمس : ٥ ] وعلى هذا التقدير تكون ما إشارة إلى ما يسره الخلق وما يجهرونه ويضمرونه في صدورهم وهذا يقتضي أن تكون أفعال العباد مخلوقة لله تعالى.
أما قوله :﴿وَهُوَ اللطيف الخبير﴾ فاعلم أنهم اختلفوا في ﴿اللطيف﴾ فقال بعضهم : المراد العالم وقال آخرون : بل المراد من يكون فاعلاً للأشياء اللطيفة التي تخفى كيفية عملها على أكثر الفاعلين، ولهذا يقال : إن لطف الله بعباده عجيب ويراد به دقائق تدبيره لهم وفيهم، وهذا الوجه أقرب وإلا لكان ذكر الخبير بعده تكراراً.
هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (١٥)
فيه مسائل :
المسألة الأولى :