فبمقتضى هذه الآية يلزم أن يكون قادراً على الجوهر من حيث إنه جوهر، وعلى السواد من حيث هو سواد، وإذا كان كذلك كان كون الجوهر جوهراً، والسواد سواداً واقعاً بالفاعل، والفاعل المختار لا بد وأن يكون متقدماً على فعله، فإذاً وجود الله وذاته متقدم على كون الجوهر جوهراً، أو السواد سواداً، فيلزم أن لا يكون المعدوم شيئاً وهو المطلوب، ثم أجابوا عن شبهة الخصم بأنا لا نسلم أن الإعدام لا يقع بالفاعل، ولئن سلمنا ذلك، لكن لم يجوز أن يقال المقدور الذي هو معدوم سمي شيئاً، لأجل أنه سيصير شيئاً، وهذا وإن كان مجازاً إلا أنه يجب المصير إليه، لقيام سائر الدلائل الدالة على أن المعدوم ليس بشيء.
المسألة الثانية :
زعم القاضي أبو بكر في أحد قوليه أن إعدام الأجسام إنما يقع بالفاعل، وهذا اختيار أبي الحسن الخياط من المعتزلة، ومحمود الخوارزمي، وزعم الجمهور منا ومن المعتزلة أنه يستحيل وقوع الإعدام بالفاعل، احتج القاضي بأن الموجودات أشياء، والله على كل شيء قدير، فهو إذاً قادر على الموجودات، فإما أن يكون قادراً على إيجادها وهو محال لأن إيجاد الموجود محال، أو على إعدامها، وذلك يقتضي إمكان وقوع الإعدام بالفاعل.
المسألة الثالثة :
زعم الكعبي أنه تعالى غير قادر على مثل مقدور العبد، وزعم أبو علي وأبو هاشم أنه تعالى غير قادر على مقدور العبد، وقال أصحابنا : إنه تعالى قادر على مثل مقدور العبد وعلى غير مقدوره، واحتجوا عليه بأن عين مقدور العبد ومثل مقدوره شيء، والله على كل شيء قدير، فثبت بهذا صحة وجود مقدور واحد بين قادرين.
المسألة الرابعة :