وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطير فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ ﴾
أي كما ذلّل الأرض للآدمي ذلّل الهواء للطيور.
و"صَافّات" أي باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها ؛ لأنهن إذا بسطنها صَفَفْنَ قوائمها صَفّاً.
﴿ وَيَقْبِضْنَ ﴾ أي يضربن بها جُنُوبَهُنَّ.
قال أبو جعفر النحاس : يقال للطائر إذا بسط جناحيه : صافٌّ، وإذا ضَمّهما فأصابا جَنْبَه : قابض ؛ لأنه يقبضهما.
قال أبو خِرَاش :
يبادر جُنْح الليل فهو مُوَائل...
يَحُثّ الجناح بالتبَسُّطِ والْقَبضِ
وقيل : ويقبضن أجنحتهن بعد بسطها إذا وقفن من الطيران.
وهو معطوف على "صَافَّاتٍ" عطف المضارع على اسم الفاعل ؛ كما عطف اسم الفاعل على المضارع في قول الشاعر :
بات يُعَشّيها بَعضْب باتر...
يَقْصِدُ في أسْوُقها وجائِرِ
﴿ مَا يُمْسِكُهُنَّ ﴾ أي ما يمسك الطير في الجوّ وهي تطير إلا الله عز وجل.
﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾.
قوله تعالى :﴿ أَمَّنْ هذا الذي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ ﴾ قال ابن عباس : حزب ومنعة لكم.
﴿ يَنصُرُكُمْ مِّن دُونِ الرحمن ﴾ فيدفع عنكم ما أراد بكم إن عصيتموه.
ولفظ الجُنْد يُوَحَّد ؛ ولهذا قال :﴿ هذا الذي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ ﴾ وهو استفهام إنكار ؛ أي لا جند لكم يدفع عنكم عذاب الله ﴿ مِّن دُونِ الرحمن ﴾ أي من سوى الرحمن.
﴿ إِنِ الكافرون إِلاَّ فِي غُرُورٍ ﴾ من الشياطين ؛ تغرّهم بأن لا عذاب ولا حساب.
قوله تعالى :﴿ أَمَّنْ هذا الذي يَرْزُقُكُمْ ﴾ أي يعطيكم منافع الدنيا.
وقيل المطر من آلهتكم.
﴿ إِنْ أَمْسَكَ ﴾ يعني الله تعالى رزقه.
﴿ بَل لَّجُّواْ ﴾ أي تمادوا وأصروا.
﴿ فِي عُتُوٍّ ﴾ طغيان ﴿ وَنُفُورٍ ﴾ عن الحق. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon