الوصف الثالث : ويقبضن } وهو عطف على ﴿ صافات ﴾ من عطف الفعل على الاسم الشبيه بالفعل في الاشتقاق وإفادةِ الاتصاف بحدوث المصدر في فاعله، فلم يفت بعطفه تماثل المعطوفين في الاسمية والفعلية الذي هو من محسنات الوصل.
والقَبض : ضد البسط.
والمراد به هنا ضد الصّف المذكور قبله، إذ كان ذلك الصف صادقاً على معنى البسط ومفعوله المحذوف هنا هو عين المحذوف في المعطوف عليه، أي قابضات أجنحتهن حين يدنينها من جُنوبهن للازدياد من تحريك الهواء للاستمرار في الطيران.
وأوثر الفعل المضارع في ﴿ يَقْبضن ﴾ لاستحضار تلك الحالة العجيبة وهي حالة عكس بسط الجناحين إذ بذلك العكس يزداد الطيران قوة امتداد زمان.
وجيء في وصف الطير بـ ﴿ صافات ﴾ بصيغة الاسم لأن الصف هو أكثر أحوالها عند الطيران فناسبه الاسم الدال على الثبات، وجيء في وصفهن بالقبض بصيغة المضارع لدلالة الفعل على التجدد، أي ويجددن قبض أجنحتهن في خلال الطيران للاستعانة بقبض الأجنحة على زيادة التحرك عندما يَحسسن بتغلب جاذبية الأرض على حركات الطيران، ونظيره قوله تعالى في الجِبال والطيرِ ﴿ يسبحن بالعشيّ والإِشراق والطيرَ محشورة ﴾ [ ص : ١٨ ١٩ ] لأن التسبيح في وقتين والطير محشورة دَوْماً.
وانتصَب ﴿ فوقهم ﴾ على الحال من ﴿ الطير ﴾ وكذلك انتصب ﴿ صافات ﴾.
وجملة ﴿ ويقبضن ﴾ في موضع نصب على الحال لعطفها على الوصف الذي هو حال فالرؤية بصرية مضمنة معنى النظر، ولذلك عُديت إلى المرئي بـ ( إلى ).
والاستفهام في ﴿ أو لم يَروا ﴾ إنكاري، ونزلوا منزلة من لم يرَ هاته الأحوال في الطير لأنهم لم يعتبروا بها ولم يهتدوا إلى دلالتها على انفراد خالقها بالإِلهية.


الصفحة التالية
Icon