وإفراد ﴿ السمع ﴾ لأن أصله مصدر، أي جعل لكم حاسة السمع، وأما ﴿ الأبصار ﴾ فهو جمع البصر بمعنى العَين، وقد تقدم وجه ذلك عند قوله تعالى ﴿ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ﴾ في سورة البقرة ( ٧ ) والأفئدة } القلوب، والمراد بها العقول، وهو إطلاق شائع في استعمال العرب.
والقصر المستفاد من تعريف المسند إليه والمسندِ في قوله :﴿ هو الذي أنشأكم ﴾ إلى آخره قصرُ إفراد بتنزيل المخاطبين لشركهم منزلةَ من يعتقد أن الأصنام شاركت الله في الإِنشاء وإعطاء الإِحساس والإِدراك.
و﴿ قليلاً ما تشكرون ﴾ حال من ضمير المخاطبين، أي أنعم عليكم بهذه النعم في حال إهمالكم شكرها.
و﴿ مَا ﴾ مصدرية والمصدر المنسبك في موضع فاعل ﴿ قليلاً ﴾ لاعتماد ﴿ قليلاً ﴾ على صاحب حال.
و﴿ قليلاً ﴾ صفة مشبَّهة.
وقد استعمل ﴿ قليلاً ﴾ في معنى النفي والعدم، وهذا الإِطلاق من ضروب الكناية والاقتصاد في الحكم على طريقة التمليح وتقدم عند قوله تعالى :﴿ فقليلاً ما يؤمنون ﴾ [ البقرة : ٨٨ ] وقوله تعالى :﴿ فلا يؤمنون إلاّ قليلاً ﴾ في سورة النساء ( ١٥٥ )، وتقول العرب : هذه أرض قلما تنبت.
قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤)
إعادة فعل ﴿ قل ﴾ من قبيل التكرير المشعر بالاهتمام بالغرض المسوقة فيه تلك الأقوال.
والذرْء : الإِكثار من الموجود، فهذا أخص من قوله :﴿ هو الذي أنشأكم ﴾ [ الملك : ٢٣ ] أي هو الذي كثَّركم على الأرض كقوله :﴿ هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها ﴾ [ هود : ٦١ ] أي أعمركم إياها.
والقول في صيغة القصر في قوله :﴿ هو الذي ذرأكم في الأرض ﴾.
مثل القول في قوله :﴿ هو الذي أنشأكم ﴾ [ الملك : ٢٣ ] الآية.