قرأ يعقوب الحضرمي ﴿تَدْعُونَ﴾ خفيفة من الدعاء، وقرأ السبعة ﴿تَدَّعُونَ﴾ مثقلة من الادعاء.
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٨)
اعلم أن هذا الجواب هو من النوع الثاني مما قاله الكفار لمحمد ﷺ حين خوفهم بعذاب الله، يروى أن كفار مكة كانوا يدعون على رسول الله ﷺ وعلى المؤمنين بالهلاك، كما قال تعالى :﴿أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ المنون﴾ [ الطور : ٣٠ ] وقال :﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرسول والمؤمنون إلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً﴾ [ الفتح : ١٢ ] ثم إنه تعالى أجاب عن ذلك من وجهين الوجه الأول : هو هذه الآية، والمعنى قل لهم : إن الله تعالى سواء أهلكني بالإماتة أو رحمني بتأخير الأجل، فأي راحة لكم في ذلك، وأي منفعة لكم فيه، ومن الذي يجيركم من عذاب الله إذا نزل بكم، أتظنون أن الأصنام تجيركم أو غيرها، فإذا علمتم أن لا مجير لكم فهلا تمسكتم بما يخلصكم من العذاب وهو العلم بالتوحيد والنبوة والبعث.
الوجه الثاني : في الجواب قوله تعالى :
قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٩)
والمعنى أنه الرحمن آمنا به وعليه توكلنا فيعلم أنه لا يقبل دعاءكم وأنتم أهل الكفر والعناد في حقنا، مع أنا آمنا به ولم نكفر به كما كفرتم، ثم قال :﴿وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ لا على غيره كما فعلتم أنتم حيث توكلتم على رجالكم وأموالكم، وقرىء ﴿فَسَتَعْلَمُونَ﴾ على المخاطبة، وقرىء بالياء ليكون على وفق قوله :﴿فَمَن يُجِيرُ الكافرين﴾ [ الملك : ٢٨ ].
واعلم أنه لما ذكر أنه يجب أن يتوكل عليه لا على غيره، ذكر الدليل عليه.


الصفحة التالية