﴿ قُلْ إِنَّمَا العلم ﴾ أي العلمُ بوقتِهِ ﴿ عَندَ الله ﴾ عزَّ وجلَّ لا يطلعُ عليهِ غيرُهُ كقولِهِ تعالَى :﴿ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّى ﴾ ﴿ وَإِنَّمَا أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾ أنذركُم وقوعَ الموعودِ لا محالةَ وأما العلمُ بوقتِ وقوعِهِ فليسَ من وظائفِ الإنذارِ. والفاءُ في قولِه تعالَى :
﴿ فَلَمَّا رَأَوْهُ ﴾ فصيحةٌ معربةٌ عن تقديرِ جملتينِ، وترتيبِ الشرطيةِ عليهِمَا، كأنَّه قيلَ وقد أتاهُم الموعودُ فرأَوهُ فلمَّا رَأَوهُ إلى آخره كما مرَّ تحقيقُهُ في قولِهِ تعالَى :﴿ فَلَمَّا رَءاهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ ﴾ إلاَّ أنَّ المقدرَ هُناكَ أمرٌ واقعٌ مرتبٌ على ما قبلَهُ بالفاءِ وهَهُنَا أمرٌ منزلٌ منزلةَ الواقعِ واردٌ على طريقةِ الاستئنافِ. وقولُهُ تعالَى :﴿ زُلْفَةً ﴾ حالٌ من مفعولِ رَأَوْا، إمَّا بتقديرِ المضافِ أيْ ذَا زُلفةٍ وقربٍ، أو على أنَّه مصدرٌ بمَعْنَى الفاعلِ أي مُزدَلِفاً، أو على أنَّه مصدرٌ نُعتَ بهِ مبالغةً، أو ظرفٌ أيْ رَأَوهُ في مكانٍ ذِي زُلفةٍ ﴿ سِيئَتْ وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ ﴾ بأنْ غشِيَتْهَا الكآبةُ ورهَقَهَا القَترُ والذلةُ، ووضعُ الموصولِ موضعَ ضميرِهِم لذمِّهِم بالكُفرِ وتعليلِ المساءةِ بهِ ﴿ وَقِيلَ ﴾ توبيخاً لهم وتشديداً لعذابِهِم ﴿ هذا الذى كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ ﴾ أي تطلبُونَهُ في الدُّنيا وتستعجلونَهُ إنكاراً واستهزاءً على أنَّه تفتعلونَ من الدعاءِ، وقيلَ هو من الدَّعْوَى أي تدَّعُونَ أنْ لا بعثَ ولا حشرَ. وقُرِىءَ تَدْعُون، هَذا وقَدْ رُوِيَ عن مجاهدٍ أن الموعودَ عذابُ يومِ بدرٍ. وهُو بعيدٌ.


الصفحة التالية
Icon