وقال الزجاج : هذا الذي كنتم به تدّعون الأباطيل والأحاديث.
وقيل : معنى ﴿ تَدْعُونَ ﴾ : تكذبون، وهذا على قراءة الجمهور :﴿ تدّعون ﴾ بالتشديد، فهو إما من الدعاء كما قال الأكثر، أو من الدعوى كما قال الزجاج ومن وافقه، والمعنى : أنهم كانوا يدّعون أنه لا بعث ولا حشر ولا جنة ولا نار.
وقرأ قتادة، وابن أبي إسحاق، ويعقوب، والضحاك :" تدعون " مخففاً، ومعناها ظاهر.
قال قتادة : هو قولهم :﴿ رَبَّنَا عَجّل لَّنَا قِطَّنَا ﴾ [ ص : ١٦ ].
وقال الضحاك : هو قولهم :﴿ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ] الآية.
قال النحاس : تدّعون وتدعون بمعنى واحد، كما تقول قدر واقتدر، وغدا واغتدى، إلاّ أنّ أفعل معناه مضى شيئًا بعد شيء، وفعل يقع على القليل والكثير.
﴿ قُلْ أَرَءيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِىَ الله وَمَن مَّعِىَ ﴾ أي : أخبروني إن أهلكني الله بموت أو قتل ومن معي من المؤمنين ﴿ أَوْ رَحِمَنَا ﴾ بتأخير ذلك إلى أجل.
وقيل المعنى : إن أهلكني الله ومن معي بالعذاب، أو رحمنا فلم يعذبنا ﴿ فَمَن يُجِيرُ الكافرين مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ أي : فمن يمنعهم ويؤمنهم من العذاب.
والمعنى : أنه لا ينجيهم من ذلك أحد سواء أهلك الله رسوله والمؤمنين معه، كما كان الكفار يتمنونه أو أمهلهم.
وقيل : المعنى إنا مع إيماننا بين الخوف والرجاء، فمن يجيركم مع كفركم من العذاب، ووضع الظاهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالكفر، وبيان أنه السبب في عدم نجاتهم.
﴿ قُلْ هُوَ الرحمن ءامَنَّا بِهِ ﴾ وحده لا نشرك به شيئًا ﴿ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ﴾ لا على غيره، والتوكل : تفويض الأمور إليه - عزّ وجلّ - ﴿ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِى ضلال مُّبِينٍ ﴾ منا ومنكم، وفي هذا تهديد شديد مع إخراج الكلام مخرج الإنصاف.
قرأ الجمهور :﴿ ستعلمون ﴾ بالفوقية على الخطاب.