أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله} [ الإسراء : ٨٨ ] فقوله سبحانه وتعالى ﴿ما أنت بنعمة ربك بمجنون﴾ [ القلم : ٢ ] جواباً لقوله تعالى في آخر السورة إنه لمجنون، وتقدم الجواب بنفي قولهم والتنزيه عنه على حكاية قولهم ليكون أبلغ في إجلاله ـ ﷺ ـ وأخف وقعاً عليه وأبسط لحاله في تلقي ذلك منهم، ولهذا قدم مدحه ـ ﷺ ـ بما خص به من الخلق العظيم، فكان هذا أوقع في الإجلال من تقديم قولهم ثم رده إذ كسر سورة تلك المقالة الشنعاء بتقديم التنزيه عنها أتم في الغرض وأكمل، ولا موضع أليق بذكر تنزيهه عليه الصلاة والسلام، ووصفه من الخلق والمنح الكريمة بما وصف مما أعقب به ذلك إذ بعض ما تضمنته سورة الملك بما تقدم الإيماء إليه شاهد قاطع لكل عاقل متصف بصحة نبوته ـ ﷺ ـ وجليل صدقه
﴿ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً﴾ [ النساء : ٨٢ ] فقد تبين موقع هذه السورة هنا، وتلاؤم ما بعده من آيها يذكر في التفسير - انتهى.