ويضرب لهم أصحاب الجنة - جنة الدنيا - مثلا على عاقبة البطر تهديدا لكبراء قريش المعتزين بأموالهم وأولادهم ممن لهم مال وبنون ; الكائدون للدعوة بسبب مالهم من مال وبنين.
وفي نهاية السورة يوصي النبي ( ﷺ ) بالصبر الجميل: (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت..).
ومن خلال هذه المواساة وهذا الثناء وهذا التثبيت، مع الحملة القاصمة على المكذبين والتهديد الرهيب، يتولى الله - سبحانه - بذاته حربهم في ذلك الأسلوب العنيف.. من خلال هذا كله نتبين ملامح تلك الفترة، فترة الضعف والقلة، وفترة المعاناة والشدة، وفترة المحاولة القاسية لغرس تلك الغرسة الكريمة في تلك التربة العنيدة !
كذلك نلمح من خلال أسلوب السورة وتعبيرها وموضوعاتها ملامح البيئة التي كانت الدعوة الإسلامية تواجهها. وهي ملامح فيها سذاجة وبدائية في التصور والتفكير والمشاعر والاهتمامات والمشكلات على السواء.
نلمح هذه السذاجة في طريقة محاربتهم للدعوة بقولهم للنبي ( ﷺ ) (إنه لمجنون)!
من الاية ٢ الى الاية ٣
مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣)
وهو اتهام لا حبكة فيه ولا براعة، وأسلوب من لايجد إلا الشتمة الغليظة يقولها بلا تمهيد ولا برهان، كما يفعل السذج البدائيون.
ونلمحها في الطريقة التي يرد الله بها عليهم فريتهم ردا يناسب حالهم:(ما أنت بنعمة ربك بمجنون. وإن لك لأجرا غير ممنون. وإنك لعلى خلق عظيم. فستبصر ويبصرون. بأيكم المفتون).. وكذلك في التهديد المكشوف العنيف:(فذرني ومن يكذب بهذا الحديث. سنستدرجهم من حيث لا يعلمون. وأملي لهم إن كيدي متين)..
ونلمحها في رد هذا السب على رجل منهم:(ولا تطع كل حلاف مهين. هماز مشاء بنميم. مناع للخير معتد أثيم. عتل بعد ذلك زنيم...).