أبو يعلى من حديث يونس بن بكير : حدثنا إبراهيم بن إسماعيل، حدثنا عثمان ابن كعب، حدثني ربيع - رجل من بني النضر وكان في حجر صفية - عن صفية بنت حيي قالت : ما رأيت قط أحسن خلقا من رسول الله، لقد رأيته راكب [] [١] من خيبر على عجز ناقته ليلا فجعلت أنعس فيضرب رأسي مؤخرة الرحل، فيمسكني بيده ويقول : يا هذه مهلا، يا صفية بنت حيي!! حتى إذا جاء الصهباء [٢] قال : أما إني اعتذر إليك يا صفية مما صنعت بقومك!! إنهم قالوا لي كذا وكذا. وعن وهب بن منبه قال : قرأت أحدا وسبعين كتابا، فوجدت في جميعها أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم أرجح الناس عقلا وأفضلهم رأيا.
وأما شجاعته
فخرّج البخاري في كتاب الأدب من حديث حماد بن زيد عن ثابت قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أحسن الناس، وكان أجود الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق الناس قبل الصوت، فاستقبلهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول : لم تراعوا لم تراعوا، وهو على فرس لأبي طلحة عري (ما عليه سرج)، في عنقه سيف قال : وجدناه بحرا أو إنه لبحر [٣].
وخرّجه مسلم [٤] وقال : فانطلق ناس [٥]. وقال : فتلقاهم رسول الله راجعا وقد سبقهم إلى الصوت [٦]. وذكره البخاري في مواضع من كتاب الجهاد.
[١] مكان ما بين القوسين في (خ) كلمة لم أتبين معناها.
[٢] صهباء : اسم موضع بينه وبين خيبر روحة» (معجم البلدان) ج ٣ ص ٤٣٥.
[٣] (صحيح البخاري بشرح الكرماني) ج ٢١ ص ١٨٣ حديث رقم ٥٦٦٢ ولفظه :«فقال : لقد وجدته بحرا أو إنه البحر».
[٤] (مسلم بشرح النووي) ج ١٥ ص ٦٧ باب شجاعته صلّى الله عليه وسلّم.
[٥] في المرجع السابق «فانطلق ناس قبل الصوت».
[٦] ومعنى قوله : لن تراعوا، أي روعا مستقرا، أو روعا يضركم، وفيه فوائد، منها، بيان شجاعته صلّى الله عليه وسلّم من شدة عجلته في الخروج إلى العدو قبل الناس كلهم بحيث كشف الحال ورجع قبل وصول الناس، وفيه بيان عظيم بركته ومعجزته في انقلاب الفرس سريعا بعد أن كان يبطأ، وهو معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم وجدناه بحرا، أي واسع الجري، وفيه جواز سبق الإنسان وحده في كشف أخبار العدو ما لم يتحقق الهلاك، وفيه جواز العارية، وجواز الغزو على الفرس للمستعار، وفيه استحباب تبشير الناس بعدم الخوف (مسلم بشرح النووي) ج ١٥ ص ٦٧ و٦٨ باب شجاعته صلّى الله عليه وسلّم.