الله صلّى الله عليه وسلّم : جاءني ملك فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام، ويقول : إن شئت نبيا عبدا، وإن شئت نبيا ملكا، فنظرت إلى جبريل عليه السلام، فأشار إليّ أن ضع نفسك، فقلت نبيا عبدا [١]. وخرّج الحافظ أبو نعيم الأصبهاني من حديث أيوب بن نهيك قال : سمعت أبا حازم قال : سمعت ابن عمر رضي الله عنه يقول : لقد هبط عليّ ملك من السماء ما هبط علي بني قبلي، ولا يهبط على أحد بعدي - وهو إسرافيل - فقال : السلام عليك يا محمد، وقال : أنا رسول ربك إليك، أمرني أن أخيّرك إن شئت نبيا عبدا، وإن شئت نبيا ملكا، فنظر إليّ جبريل فأومأ إلي أن تواضع، فقال النبي عند ذلك :
نبيا عبدا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : لو أني قلت نبيا ملكا ثم أمرت لصارت معي الجبال ذهبا. قال أبو نعيم : حديث غريب من حديث أبي حازم وابن عمر، تفرد به أيوب بن نهيك، وأبو حازم مختلف فيه، فقيل سلمة بن دينار، وقيل محمد بن قيس المزني والله أعلم [١].
وله من حديث أيمن بن نايل قال : سمعت قدامة بن عبد الملك قال : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يرمي الجمرة على ناقة صهباء، لا ضرب ولا طرد، ولا إليك إليك [٢].
وخرج البخاري في الأدب المفرد من طريق الأعمش عن سلام بن شرحبيل

_
[١] وفي (البداية والنهاية) ج ٦ ص ٤٨ عن يعقوب بن سفيان : حدثني أبو العباس حيوة بن شريح، أخبرنا بقية عن الزبيدي عن الزهري عن محمد بن عبد الله بن عباس قال : كان ابن عباس يحدث أن الله أرسل إلى نبيه ملكا من الملائكة معه جبريل، فقال الملك لرسوله :«إن الله يخيرك بين أن تكون عبدا نبيا وبين أن تكون ملكا نبيا» فالتفت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى جبريل كالمستشير له، فأشار جبريل إلى رسول الله أن تواضع، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : بل أكون عبدا نبيا، قال : فما أكل بعد تلك الكلمة طعاما متكئا حتى لقي الله عزّ وجلّ.
وهكذا رواه البخاري في التاريخ عن حيوة بن شريح، وأخرجه النسائي عن عمرو بن عثمان كلاهما عن بقية بن الوليد به، وأصل هذا الحديث في الصحيح بنحو من هذا اللفظ.
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة - ولا أعلمه إلا عن أبي هريرة - قال : جلس جبريل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنظر إلى السماء فإذا ملك ينزل، فقال جبريل : إن هذا الملك ما نزل منذ يوم خلق قبل الساعة، فلما نزل قال : يا محمد أرسلني إليك ربك : أفملكا نبيا يجعلك أو عبدا رسولا ؟.
[٢] هو كما يقال : الطريق الطريق، ويفعل بين يدي الأمراء، ومعناه نحّ وأبعد وتكريره للتأكيد. (النهاية) ج ١ ص ٦٤.


الصفحة التالية
Icon