وخرّج من حديث إسماعيل بن علية عن أيوب عن عمرو بن سعيد عن أنس ابن مالك قال : ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال : كان إبراهيم مسترضعا في عوالي المدينة [١]، فكان ينطلق ونحن معه، فيدخل البيت وإنه ليدخّن، وكان ظئره قينا فيأخذه فيقبله ثم يرجع، قال عمرو : فلما مات إبراهيم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إن إبراهيم ابني وإنه مات في الثدي، وإن له لظئرين تكملان رضاعه في الجنة. وخرج البخاري [٢] ومسلم [٣] من حديث ابن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها : جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : تقبلون الصبيان ؟ فما نقبلهم! فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟. وفي لفظ مسلم عن عائشة قالت : قدم ناس من الأعراب على رسول الله فقال :
تقبلون صبيانكم ؟ فقالوا نعم ؟ قالوا : لكننا ما نقبل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :
وأملك إن كان الله قد نزع منكم الرحمة [٤] ؟. وقد خرجا [٥] من حديث أنس : رويدك يا نجشة، سوقك بالقوارير، يعني
[١] أما العوالي : فالقرى التي عند المدينة، وقوله : أرحم بالعيال، هذا هو المشهور الموجود في النسخ والروايات، قال القاضي : وفي بعض الروايات الصاد، ففيه بيان كريم خلقه صلّى الله عليه وسلّم ورحمته للعيال والضعفاء، وفيه جواز الاسترضاع، وقوله : وإنه مات في الثدي وإن ظئرين تكملان له رضاعه في الجنة، معناه مات في الثدي أو في حال تغذيته بلبن الثدي، وأما الظئر فبكسر الظاء مهموزة وهي المرضعة ولد غيرها، وزوجها ظئر لذلك الرضيع، فلفظة الظئر تقع على الأنثى والذكر، ومعنى تكملان رضاعه أي تتمانه سنتين، فإنه توفي وله ستة عشر شهرا أو سبعة عشر فترضعانه بقية السنتين فإنه تمام الرضاعة بنص القرآن» قال القاضي : واسم أبي سيف هذا : البراء، واسم أم سيف زوجته : خولة بنت المنذر الأنصارية كنيتها : أم سيف وأم برده (المرجع السابق) ص ٧٦.
[٢] (صحيح البخاري بشر الكرماني) ج ٢١ ص ٦٤ حديث رقم ٥٦٢٧.
[٣] (مسلم بشرح النووي) ج ١٥ ص ٧٦.
[٤] المرجع السابق.
[٥] (مسلم بشرح النووي) ج ١٥ ص ٨٠ باب رحمته صلّى الله عليه وسلّم للنساء والرّفق بهن قال العلماء : سمي النساء قوارير لضعف عزائمهن تشبيها بقارورة الزجاج لضعفها وإسراع الانكسار إليها، واختلف العلماء في المراد بتسميتهن قوارير على قولين ذكرهما القاضي وغيره أصحهما عند القاضي وآخرين، وهو الّذي جزم به الهروي وصاحب «التحرير» وآخرون أن معناه : أن أنجشة كان حسن الصوت وكان يحدو بهن وينشد شيئا من القريض والرجز وما فيه تشبيب، فلم يأمن أن يفتنهن ويقع في قلوبهن حداؤه، فأمره بالكف عن ذلك، ومن أمثالهم المشهورة «الغنا رقية الزنا»، قال القاضي : هذا أشبه بمقصوده