عن أبيه عن جده قال : كنت جالسا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في أصحابه في مسجده منصرفه من الجعرانة، فطلع هبار بن الأسود، قال [١] : قد رأيته فأراد بعض القوم القيام إليه، فأشار إليه النبي صلّى الله عليه وسلّم أن اجلس، ووقف عليه هبار فقال : السلام عليك يا رسول الله، إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، ولقد هربت منك في البلاد، وأردت اللحوق بالأعاجم ثم ذكرت عائدتك وفضلك وبرك وصفحك عن من جهل إليك [٢]، وكنا يا رسول الله أهل شرك باللَّه فهدانا باللَّه بك، وأنقذنا بك من الهلكة، فاصفح عن جهلي وعما كان يبلغك عني، فإنّي مقر بسيئاتي [٣] معترف بذنبي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قد عفوت عنك، وقد أحسن الله بك حيث هداك للإسلام، والإسلام يجبّ ما قبله. [ثم قال ] : حدثني واقد بن أبي ياسر عن يزيد بن رومان قال : قال الزبير ابن العوام رضي الله عنه : ما رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكر هبارا قط إلا تغيّظ عليه، ولا رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث سرية قط إلا قال : إن ظفرتم بهبار فاقطعوا يديه ورجليه ثم اضربوا عنقه، والله لقد كنت أطلبه وأسأل عنه، والله يعلم لو ظفرت به قبل يأتي إلى رسول الله لقتلته ثم طلع على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا عنده جالس، فجعل يعتذر إلى رسول الله يقول، سبّ يا محمد من سبّك وأوذي [٤] من آذاك، فقد كنت موضعا في سبّك وأذاك وكنت مخذولا وقد بصّرني [٥] الله وهداني للإسلام. قال الزّبير : فجعلت انظر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وإنه ليطأطئ رأسه استحياء منه مما يعتذر هبار، وجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يقول : قد عفوت عنك، والإسلام يجبّ ما كان قبله، وكان لسنا، وكان يسبّ حتى يبلغ منه فلا ينتصف من أحد، فبلغ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حمله وما يحمل عليه من الأذى، فقال هبار [٦] : سبّ من سبّك.

_
[١] كذا في (خ) ونص الواقدي :«فطلع هبار بن الأسود من باب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلما نظر إليه القوم قالوا : يا رسول الله، هبار بن الأسود، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : قد رأيته...».
[٢] كذا في (خ)، وفي (الواقدي) «جهل عليك».
[٣] كذا في (خ)، وفي (الواقدي) «بسوء فعلي».
[٤] في (خ) «و آذي» وما أثبتناه من (الواقدي).
[٥] في (الواقدي) «نصرني».
[٦] في (خ) «يا هبار».


الصفحة التالية
Icon