فيه : فلما فرغ قال. وقال أبو عيسى : هذا حديث صحيح.
قال مؤلفه : ذكر البخاري قول الأعرابي : اللَّهمّ ارحمني ومحمدا، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم له، ولم يذكر فيه أنه بال في المسجد.
وخرّج مسلم من حديث سفيان بن عيينة عن ابن المنكدر عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا [١] استأذن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : ائذنوا له فبئس أخو العشيرة، فلما دخل عليه ألان له القول، قالت عائشة : فقلت يا رسول الله! قلت الّذي قلت ثم ألنت له القول ؟ قال يا عائشة إن شرّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة، من تركه الناس اتقاء فحشه.
وخرّج مسلم من حديث يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء ابن يسار عن معاوية بن الحكم قال : بينما أنا أصلي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، إذ عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله : فرماني القوم بأبصارهم، فقلت : وا ثكل أمّاه! ما شأنكم تنظرون إليّ ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فعرفت أنهم يصمتونني، لكني سكتّ، فلما صلّى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - فبأبي وأمي - ما رأيت معلّما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فو الله ما نهرني [٢] ولا ضربني ولا شتمني، ثم قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن - أو كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - قلت : يا رسول الله! إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا رجالا يأتون الكهّان، قال : فلا تأتهم، قال : ومنا رجال يتطيرون، قال : ذلك شيء يجدونه في صدورهم فلا

_
[ ()] فقام، فصلّى، فلما فرغ من صلاته قال : اللَّهمّ ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا، فالتفت إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال : لقد تحجرت واسعا، فما لبث أن بال في المسجد، فأسرع الناس إليه فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أهريقوا عليه سجلا من ماء أو دلوا من ماء، ثم قال إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين.
[١] هو عيينة بن حصن الفزاري - الّذي يقال له الأحمق المطاع - وكان إذ ذاك من أهل النفاق ولذا قال فيه الرسول صلّى الله عليه وسلّم ما قال ليتقي شره، وهذا ليس بغيبة بل نصيحة للأمة، وقد أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه وحضر بعض الفتوحات وقد اعتبر العلماء قول النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه وهو غائب وإلانته له وهو حاضر من باب المداراة والتآلف.
[٢] في رواية أبي داود ج ١ ص ٥٧٠ باب تشميت العاطس في الصلاة حديث رقم ٩٣٠ «ما كهرني» ومعناه ما انتهرني ولا غلظ لي، وقيل الكهر : استقبال الإنسان العبوس، وقرأ بعض الصحابة «فأما اليتيم فلا تكهر» (معالم السنن للخطابي).


الصفحة التالية
Icon