العرب كثروا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : وقام إليه المهاجرون يعرجون عنه حتى قام على عتبة عائشة فرهقوه فأسلم رداءه في أيديهم ووثب عن العتبة فدخل فقال : اللَّهمّ العنهم، فقالت عائشة : يا رسول الله! هلك القوم، فقال : كلا والله : يا بنت أبي بكر، لقد شرطت على ربي شرطا لا خلف له فقلت : إنما أنا بشر : أضيق بما يضيق به البشر : فأي المؤمنين بدرت إليه مني بادرة فاجعلها له كفارة.
وأما مزاحه وملاعبته
فخرّج الترمذي من حديث عبد الله بن المبارك عن أسامة بن زيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا، قال :
إني لا أقول إلا حقا [١]. قال أبو عيسى : هذا حديث حسن.
وخرّج أبو داود [٢] والترمذي [٣] والبخاري [٤] في الأدب المفرد من حديث خالد عن حميد عن أنس رضي الله عنه أن رجلا أتي النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله احملني، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إنا حاملوك على ولد ناقة، قال : وما أصنع بولد ناقة ؟ فقال : النبي صلّى الله عليه وسلّم : وهل تلد الإبل إلا النّوق ؟. وخرّج أبو داود من حديث يونس عن أبي إسحاق عن العيزار بن حريث عن النعمان بن بشير قال : استأذن أبو بكر رضي الله عنه على النبي صلّى الله عليه وسلّم فسمع صوت عائشة - رضي الله عنه - عاليا، فلما دخل تناولها ليلطمها وقال : ألا أراك ترفعين صوتك على رسول الله، فجعل النبي صلّى الله عليه وسلّم يحجزه، وخرج أبو بكر مغضبا، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم حين خرج أبو بكر : كيف رأيتني أنقذتك من الرجل ؟ قال : فمكث أبو بكر رضي الله عنه أياما، ثم استأذن على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فوجدهما قد اصطلحا :
فقال لهما : أدخلاني في سلمكما كما أدخلتماني في حربكما، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : قد فعلنا قد فعلنا [٥].

_
[١] (الشمائل المحمدية) ص ١٢٠ ولفظه «قال : نعم. غير أني لا أقول إلا حقا». (سنن الترمذي) ج ٣ ص ٢٤١ باب ما جاء في المزاح حديث رقم ٢٠٥٨، ومعني قوله :«إنك تداعبنا» إنما يعنون أنك تمازحنا.
[٢] (سنن أبي داود) ج ٥ ص ٢٧٠ حديث رقم ٤٩٩٨.
[٣] (سنن الترمذي) ج ٣ ص ٢٤١ حديث رقم ٢٠٦٠ (الشمائل المحمدية) ص ١٢٠.
[٤] (الأدب المفرد) ج ١ ص ٣٥٩ حديث رقم ٢٦٨.
[٥] (سنن أبي داود) ج ٥ ص ٢٧١ حديث رقم ٤٩٩٩.


الصفحة التالية
Icon