" فصل فى ذكر قراءات السورة كاملة "
قال العلامة ابن جنى :
سورة القلم :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قرأ الحسن :"أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ١" بالنصب.قال أبو الفتح : يجوز أن يكون "بالغة" حالا من الضمير في لكم ؛ لأنه خبر عن "إيمان"، ففيه ضمير منه.
وإن شئت جعلته حالا من الضمير في "علينا" إذا جعلت "علينا" وصفا لأيمان، لا متعلقا بنفس الـ"أيمان" ؛ لأن فيه ضميرا كما يكون فيه ضمير منه إذا كان خبرا عنه.
ويجوز أن يكون حالا من نفس "أيمان" وإن [١٥٩ظ] كانت نكرة كما أجاز أبو عمر في قوله "سبحانه" : و﴿لِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ٢﴾ أن يكون "حقا" حالا من متاع.
ومن ذلك قراءة ابن عباس :"يَوْمَ تكْشَفُ عَن٣"، بالتاء، والتاء منتصبة.
وروى :"تكشف"، بالتاء مضمومة.
قال أبو الفتح : أي : تكشف الشدة والحال الحاضرة عن ساق. وهذا مثل، أي : تأخذ في أغراضها، ثم شبهت بمن أراد أمرا وتأهب له، كيف يكشف عن ساقه؟ قال :
كشفت لكم عن ساقها وبدا من الشر الصراح٤
فأضمر الحال والشدة ؛ لدلالة الموضع عليه.
ونظيره من إضمار الفاعل لدلالة الحال عليه مسألة الكتاب : إذا كان غدا فأتني٥، أي : إذا كان ما نحن عليه من البلاء في غد فأتني. وكذلك قولهم : من كتاب كان شرا له، أي : كان الكذب شرا، فأضمر المصدر لدلالة المثال عليه.
وأما "يكشف" بتاء مضمومة فعلى نحو ذلك أيضا، أي : تكشف الصورة والآخرة هناك عن شدة، ويسرى٦ ثوبها عن الحال الصعبة، والطريق واحد.
ومن ذلك قراءة ابن هرمز والحسن :"لَوْلا أَنْ تَدَارَكَه٧"، مشددة.
قال أبو الفتح : روى هذه القراءة أبو حاتم عن الأعرج لا غير، قال : وقال بعضهم : سألت عنها أبا عمرو فقال : لا. قال أبو حاتم : لا يجوز ذلك ؛ لأنه فعل ماض، وليست فيها إلا تاء واحدة، ولا يجوز تتداركه، وهذا خطأ منه ؛ أو عليه.
١ انظر الصفحة ٢٧٣ من هذا الجزء.
٢ سورة البقرة : ٢٤١.
٣ سورة القلم : ٤٢.
٤ لسعد بن مالك جد طرفة بن العبد. وانظر ديوان الحماسة : ١ : ١٩٨، والخصائص : ٣ : ٢٥٢.
٥ الكتاب : ١ : ١١٤، وفيه أن نصب "غدا" "لغة بني تميم".
٦ أسرى الثوب : كشفه.
٧ سورة القلم : ٤٩.
٢ سورة البقرة : ٢٤١.
٣ سورة القلم : ٤٢.
٤ لسعد بن مالك جد طرفة بن العبد. وانظر ديوان الحماسة : ١ : ١٩٨، والخصائص : ٣ : ٢٥٢.
٥ الكتاب : ١ : ١١٤، وفيه أن نصب "غدا" "لغة بني تميم".
٦ أسرى الثوب : كشفه.
٧ سورة القلم : ٤٩.