وقال أبو السعود فى الآيات السابقة :
﴿ إِنَّا بلوناهم ﴾
أي أهلَ مكةَ بالقحطِ بدعوةِ رسولِ الله ﷺ ﴿ كَمَا بَلَوْنَآ أصحاب الجنة ﴾ وهم قومٌ من أهلِ الصلاةِ كانتْ لأبيهِم هذِه الجنَّةُ دونَ صنعاءَ بفرسخينِ فكانَ يأخذُ منها قوتَ سنةٍ ويتصدقُ بالباقي وكانَ يُنادِي الفقراءَ وقتَ الصِّرامِ، ويتركُ لهم ما أخطأهُ المنجلُ، وما في أسفلِ الأكداسِ، وما أخطأهُ القطافُ من العنبِ، وما بقيَ على البساطِ الذي يُبسطُ تحتَ النخلةِ إذَا صُرمتْ، فكانَ يجتمعُ لهم شيءٌ كثيرٌ فلمَّا ماتَ أبُوهُم قال بنُوه إنْ فعلنَا ما كانَ يفعلُ أبُونا ضاقَ علينا الأمرُ فحلفُوا فيمَا بينهُم. وذلكَ قولُه تعالى :
﴿ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ﴾ ليقطَعُنَّها داخلينَ في الصباحِ ﴿ وَلاَ يَسْتَثْنُونَ ﴾ أي لا يقولونَ إنْ شاءَ الله وتسميتُه استثناءٌ مع أنَّه شرطٌ من حيثُ أنَّ مؤدَّاهُ مُؤدَّى الاستثناءِ فإن قولَكَ لأخرُجنَّ إنْ شاءَ الله ولا أخرجُ إلا أنْ يشاءُ الله بمَعْنَى واحدٍ، أو لا يستثنُونَ حِصَّةَ المساكينِ كما كانَ يفعلُهُ أبُوهُم، والجملةُ مستأنفةٌ. ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا ﴾ أي على الجنَّةِ ﴿ طَآئِفٌ ﴾ بلاءٌ طائفٌ، وقُرِىءَ طيفٌ ﴿ مِن رَبّكَ ﴾ مبتدأٌ من جهتِه تعالَى :﴿ وَهُمْ نَآئِمُونَ ﴾ غافلونَ عمَّا جرتْ بهِ المقاديرُ.