وقال الآلوسى :
﴿ إِنَّ لّلْمُتَّقِينَ ﴾
أي من الكفر كما في "البحر" أو منه ومن المعاصي كما في "الإرشاد" ﴿ عِندَ رَبّهِمْ ﴾ أي في الآخرة فإنها مختصة به عز وجل إذ لا يتصرف فيها غيره جل جلاله أو في جوار قدسه ﴿ جنات النعيم ﴾ جنات ليس فيها إلا النعيم الخالص عن شائبة ما ينغصه من الكدورات وخوف الزوال وأخذ الحصر من الإضافة إلى النعيم لإفادتها التميز من جنات الدنيا والتعريض بأن جنات الدنيا لغالب عليها النغص
طبعت على كدر وأنت تريدها...
صفوا من الأقذار والأكدار
وقوله تعالى :
﴿ أَفَنَجْعَلُ المسلمين كالمجرمين ﴾
تقرير لما قبله من فوز المتقين ورد لما يقوله الكفرة عند سماعهم بحديث الآخرة وما وعد الله تعالى إن صح أنا نبعث كما يزعم محمد ﷺ ومن معه لم يكن حالنا وحالهم إلا مثل ما هي في الدنيا والألم يزيدوا علينا ولم يفضلونا وأقصى أمرهم أن يساوونا والهمزة للإنكار والفاء للعطف والعطف على مقدر يقتضيه المقال أي فيحيف في الحكم فيجعل المسلمين كالكافرين ثم قيل لهم بطريق الالتفات لتأكيد الرد وتشديده.
﴿ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾
تعجباً من حكمهم واستبعاداً له وإيذاناً بأنه لا يصدر من عاقل إذ معنى مالكم أي شيء حصل لكم من خلل الفكر وفساد الرأي.
﴿ أَمْ لَكُمْ كتاب ﴾ نازل من السماء ﴿ فِيهِ ﴾ أي في الكتاب والجار متعلق بقوله تعالى :﴿ تَدْرُسُونَ ﴾ أي تقرؤن فيه والجملة صفة كتاب وجوز أن يكون فيه متعلقاً بمتعلق الخبر أو هو الصفة والضمير للحكم أو الأمر وتدرسون مستأنف أو حال من ضمير الخطاب وقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon