قول ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾ معناه أنه بعدما عدَّ له من المثالب والنقائص فهو عتل زنيم وهذا يدل على أن هذين الوصفين وهو كونه عتلاً زنيماً أشد معايبه لأنه إذا كان جافياً غليظ الطبع قسا قلبه واجترأ على كل معصية، ولأن الغالب أن النطفة إذا خبثت خبث الولد، ولهذا قال عليه الصلاة السلام :" لا يدخل الجنة ولد الزنا ولا ولده ولا ولد ولده " وقيل : ههنا ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾ نظير ﴿ثُمَّ﴾ في قوله :﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين ءامَنُواْ﴾ [ البلد : ١٧ ] وقرأ الحسن ( عتل ) رفعاً على الذم.
ثم إنه تعالى بعد تعديد هذه الصفات قال :
أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥)
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
اعلم أن قوله :﴿أَن كَانَ﴾ يجوز أن يكون متعلقاً بما قبله وأن يكون متعلقاً بما بعده أما الأول : فتقديره : ولا تطع كل حلاف مهين أن كان ذا مال وبنين، أي لا تطعه مع هذه المثالب ليساره وأولاده وكثرته، وأما الثاني : فتقديره لأجل أن كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قال : أساطير الأولين، والمعنى لأجل أن كان ذا مال وبنين جعل مجازاة هذه النعم التي خولها الله له الكفر بآياته قال أبو علي الفاسي : العامل في قوله :﴿أَن كَانَ﴾ إما أن يكون هو قوله :﴿تتلى﴾ أو قوله ﴿قَالَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon