عن الساق، وإنما يحصل بكشف الوجه القول الثاني : أن قوله :﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ﴾ ليس المراد منه يوم القيامة، بل هو في الدنيا، وهذا قول أبي مسلم قال : أنه لا يمكن حمله على يوم القيامة لأنه تعالى قال في وصف هذا اليوم :﴿وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود﴾ ويوم القيامة ليس فيه تعبد ولا تكليف، بل المراد منه، إما آخر أيام الرجل في دنياه كقوله تعالى :﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الملئكة لاَ بشرى ﴾
[ الفرقان : ٢٢ ] ثم إنه يرى الناس يدعون إلى الصلوات إذا حضرت أوقاتها، وهو لا يستطيع الصلاة لأنه الوقت الذي لا ينفع نفساً إيمانها، وإما حال الهرم والمرض والعجز وقد كانوا قبل ذلك اليوم يدعون إلى السجود وهم سالمون مما بهم الآن، إما من الشدة النازلة بهم من هول ما عاينوا عند الموت أو من العجز والهرم، ونظير هذه الآية قوله :﴿فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الحلقوم﴾ [ الواقعة : ٨٣ ] واعلم أنه لا نزاع في أنه يمكن حمل اللفظ على ما قاله أبو مسلم، فأما قوله : إنه لا يمكن حمله على القيامة بسبب أن الأمر بالسجود حاصل ههنا، والتكاليف زائلة يوم القيامة فجوابه أن ذلك لا يكون على سبيل التكليف، بل على سبيل التقريع والتخجيل، فلم قلتم : إن ذلك غير جائز.
المسألة الثالثة :
قرىء :﴿يَوْم نكشف﴾ بالنون و ﴿تكشف﴾ بالتاء المنقوطة من فوق على البناء للفاعل والمفعول جميعاً والفعل للساعة أو للحال، أي يوم يشتد الحال أو الساعة، كما تقول : كشف الحرب عن ساقها على المجاز.
وقرىء ( تكشف ) بالتاء المضمومة وكسر الشين من أكشف إذا دخل في الكشف، ومنه أكشف الرجل فهو مكشف إذا انقلبت شفته العليا.
قوله تعالى :﴿وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ، خاشعة أبصارهم تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى السجود وَهُمْ سالمون ﴾.