ونظير هذه الآية قوله تعالى :﴿ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [ الحج : ٢٥ ] وفي الصحيح : عن النبيّ ﷺ قال :" إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " قيل : يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال :" إنه كان حريصاً على قتل صاحبه " وقد مضى مبيَّناً في سورة "آل عمران" عند قوله تعالى :﴿ وَلَمْ يُصِرُّواْ على مَا فَعَلُواْ ﴾ [ آل عمران : ١٣٥ ]
قوله تعالى :﴿ فَأَصْبَحَتْ كالصريم ﴾
أي كالليل المظلم ؛ عن ابن عباس والفرّاء وغيرهما.
قال الشاعر :
تطاول لَيْلُك الجَوْنُ الْبَهِيمُ...
فما ينجاب عن صبح بَهِيم
أي احترقت فصارت كالليل الأسود.
وعن ابن عباس أيضاً : كالرَّماد الأسود.
قال : الصريم الرماد الأسود بلغة خُزَيمة.
الثورِيّ : كالزرع المحصود.
فالصريم بمعنى المصروم أي المقطوع ما فيه.
وقال الحسن : صُرِم عنها الخير أي قطع ؛ فالصريم مفعول أيضاً.
وقال المؤرّج : أي كالرملة انصرمت من معظم الرمل.
يقال : صريمة وصرائم ؛ فالرّملة لا تنبت شيئاً يُنتفع به.
وقال الأخفش : أي كالصبح انصرم من الليل.
وقال المبرد : أي كالنهار ؛ فلا شيء فيها.
قال شَمِر : الصَّريم الليل والصَّريم النهار ؛ أي ينصرم هذا عن ذاك وذاك عن هذا.
وقيل : سُمَي الليل صريماً لأنه يقطع بظلمته عن التصرف ؛ ولهذا يكون فعيل بمعنى فاعل.
قال القُشَيْرِيّ : وفي هذا نظر ؛ لأن النهار يسمَّى صِريماً ولا يقطع عن تصرّف.
قوله تعالى :﴿ فانطلقوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ ﴾
أي يتسارّون ؛ أي يُخفون كلامهم ويسرونه لئلا يَعلم بهم أحد ؛ قاله عطاء وقتادة.
وهو من خَفَت يَخْفِت إذا سكن ولم يبيّن.
كما قال دُرَيد بن الصِّمَّة :
وإنّيَ لم أهلك سُلالاً ولم أمت...
خُفَاتاً وكُلاًّ ظَنَّه بِي عُوَّدِي
وقيل : يخفون أنفسهم من الناس حتى لا يروهم.


الصفحة التالية
Icon