وقد نبذ يونس عليه السلام ﴿ بالعراء ﴾ ولكن غير مذموم، و﴿ واجتباه ﴾ معناه : اختاره واصطفاه. ثم أخبر تعالى نبيه بحال نظر الكفار إليهم، وأنهم يكادون من الغيظ والعداوة، يزلقونه فيذهبون قدمه من مكانها ويسقطونه. وقرأ جمهور القراء :" يُزلقونك " بضم الياء من أزلق، وقرأ نافع وحده :" يَزلقونك ". بفتح الياء من زلقت الرجل، يقال : زلِق الرجل بكسر اللام وزلَقته بفتحها مثل : حزن وحزنته وشترت العين بكسر التاء وشترتها، وفي مصحف عبد الله بن مسعود :" ليزهقونك " بالهاء، وروى النخعي أن في قراءة ابن مسعود :" لينفدونك "، وفي هذا المعنى الذي في نظرهم من الغيظ والعداوة قول الشاعر :[ الكامل ]
يتقارضون إذا التقوا في مجلس... نظراً يزيل مواطئ الأقدام
وذهب قوم من المفسرين إلى أن المعنى : يأخذونك بالعين، وذكر أن الدفع بالعين كان في بني أسد، قال ابن الكلبي : كان رجل يتجوع ثلاثة أيام لا يتكلم على شيء إلا أصابه بالعين، فسأله الكفار أن يصيب النبي عليه السلام، فأجابهم إلى ذلك، ولكن عصم الله تعالى نبيه، قال الزجاج : كانت العرب إذا أراد أحدهم أن يعتان شيئاً، تجوع ثلاثة أيام، وقال الحسن : دواء من أصابه العين أن يقرأ هذه الآية، و﴿ الذكر ﴾ في الآية القرآن، ثم قرر تعالى أن هذا القرآن العزيز ﴿ ذكر للعالمين ﴾ من الجن والإنس، ووعظ لهم وحجة عليهم، فالحمد لله الذي أنعم علينا به وجعلنا أهله وحماته لا رب غيره.
نجز تفسير سورة " ن والقلم " بحمد الله تعالى وعونه وصلى الله على محمد وآله وسلم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon