ثم قال :﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾ أي كأنهم أصول نخل خالية الأجواف لا شيء فيها، والنخل يؤنث ويذكر، قال الله تعالى في موضع آخر :﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ﴾ [ القمر : ٢٠ ] وقرىء :( أعجاز نخيل )، ثم يحتمل أنهم شبهوا بالنخيل التي قلعت من أصلها، وهو إخبار عن عظيم خلقهم وأجسامهم ويحتمل أن يكون المراد به الأصول دون الجذوع، أي أن الريح قد قطعتهم حتى صاروا قطعاً ضخاماً كأصول النخل.
وأما وصف النخل بالخواء، فيحتمل أن يكون وصفاً للقوم، فإن الريح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم كالنخل الخاوية الجوف، ويحتمل أن تكون الخالية بمعنى البالية لأنها إذا بليت خلت أجوافها، فشبهوا بعد أن أهلكوا بالنخيل البالية ثم قال :
فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨)
وفيه مسألتان :
المسألة الأولى :
في الباقية ثلاثة أوجه أحدها : إنها البقية وثانيها : المراد من نفس باقية وثالثها : المراد بالباقية البقاء، كالطاغية بمعنى الطغيان.
المسألة الثانية :
ذهب قوم إلى أن المراد أنه لم يبق من نسل أولئك القوم أحد، واستدل بهذه الآية على قوله قال ابن جريج : كانوا سبع ليال وثمانية أيام أحياء في عقاب الله من الريح، فلما أمسوا في اليوم الثامن ماتوا، فاحتملتهم الريح فألقتهم في البحر، فذاك هو قوله :﴿فَهَلْ ترى لَهُم مّن بَاقِيَةٍ﴾ وقوله :﴿فَأْصْبَحُواْ لاَ يرى إِلاَّ مساكنهم﴾ [ الأحقاف : ٢٥ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٠ صـ ٩٠ ـ ٩٣﴾