﴿ عَاتِيَةٍ ﴾ أي عَتت على خُزَّانها فلم تطعهم، ولم يطيقوها من شدّة هبوبها ؛ غضبت لغضب الله.
وقيل : عَتَت على عاد فقهرتهم.
روى سفيان الثوري عن موسى بن المسيّب عن شَهْر بن حَوْشَب عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :" ما أرسل الله من نَسَمة من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من ماء إلا بمكيال إلا يوم عاد ويوم نوح فإن الماء يوم نوح طغى على الخُزَّان فلم يكن لهم عليه سبِيل ثم قرأ ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَا المآء حَمَلْنَاكُمْ فِي الجارية ﴾ والريح لما كان يوم عاد عَتَت على الخُزَّان فلم يكن لهم عليها سبيل ثم قرأ ﴿ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ﴾ " ﴿ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ ﴾ أي أرسلها وسَلّطها عليهم.
والتسخير : استعمال الشيء بالاقتدار.
﴿ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ﴾ أي متتابعة لا تَفْتِرُ ولا تنقطع ؛ عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما.
قال الفرّاء : الحُسُوم التِّباع، من حَسْمِ الدّاء إذا كُوِيَ صاحبُه، لأنه يُكْوَى بالمِكواة ثم يُتابَع ذلك عليه.
قال عبد العزيز بن زُرارة الكِلابيّ :
ففرّق بين بينهم زمان...
تتابع فيه أعوامٌ حسومُ
وقال المبرّد : هو من قولك حَسَمْتُ الشيء إذا قطعته وفصلته عن غيره.
وقيل : الحَسْم الاستئصال.
ويقال للسيف حُسام ؛ لأنه يَحْسِم العدوّ عما يريده من بلوغ عداوته.
وقال الشاعر :
حُسامٌ إذا قمتُ مُعْتَضِداً به...
كَفَى الْعَوْدَ منه البَدْءُ ليس بِمْعضَدِ
والمعنى أنها حسمتهم، أي قطعتهم وأذهبتهم.
فهي القاطعة بعذاب الاستئصال.
قال ابن زيد : حسمتهم فلم تُبق منهم أحداً.
وعنه أنها حَسَمت الليالي والأيام حتى استوعبتها، لأنها بدأت طلوعَ الشمس من أوّل يومٍ وانقطعت غروبَ الشمس من آخر يوم.
وقال اللّيث : الحسوم الشؤوم.
ويقال : هذه ليالي الحسوم، أي تَحْسِم الخير عن أهلها، وقاله في الصحاح.


الصفحة التالية
Icon