وقد قال تعالى في موضع آخر :﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ﴾ [ القمر : ٢٠ ] فيحتمل أنهم شُبِّهوا بالنخل التي صرعت من أصلها، وهو إخبار عن عِظَم أجسامهم.
ويحتمل أن يكون المراد به الأصول دون الجذوع ؛ أي إن الريح قد قطعتهم حتى صاروا كأصول النخل خاوية.
أي الريح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم كالنخلة الخاوية الجوف.
وقال ابن شجرة : كانت الريح تدخل في أفواههم فتُخرج ما في أجوافهم من الحَشْو من أدبارهم، فصاروا كالنخل الخاوية.
وقال يحيى بن سلام ؛ إنما قال "خاوية" لأن أبدانهم خَوَت من أرواحهم مثل النخل الخاوية.
ويحتمل أن يكون المعنى كأنهم أعجاز نخل خاوية عن أصولها من البقاع ؛ كما قال تعالى :﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً ﴾ [ النمل : ٥٢ ] أي خَرِبة لا سُكَّان فيها.
ويحتمل الخاوية بمعنى البالية كما ذكرنا ؛ لأنها إذا بَلِيت خلت أجوافها.
فشُبِّهوا بعد أن هلكوا بالنخل الخاوية.
فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨)
أي من فِرْقة باقية أو نفس باقية.
وقيل : من بقيّة.
وقيل : من بقاء.
فاعلةٍ بمعنى المصدر ؛ نحو العاقبة والعافية.
ويجوز أن يكون اسما ؛ أي هل تجد لهم أحداً باقياً.
وقال ابن جُريج : كانوا سبع ليال وثمانية أيام أحياء في عذاب الله من الريح، فلما أمسوا في اليوم الثامن ماتوا، فاحتملتهم الريح فألقتهم في البحر فذلك قوله عز وجل :﴿ فَهَلْ ترى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ﴾، وقوله عز وجل :﴿ فَأْصْبَحُواْ لاَ يرى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ ﴾ [ الأحقاف : ٢٥ ]. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٨ صـ ﴾