فيجوز أيضاً أن تكون ﴿ الحاقة ﴾ وصفاً لموصوف محذوف تقديره : الساعة الحاقة، أو الواقعة الحاقة، فيكون تهديداً بيوم أو وقعة يكون فيها عقاب شديد للمعرَّض بهم مثل يوم بدر أو وقعتِه وأن ذلك حق لا ريب في وقوعه ؛ أو وصفاً للكلمة، أي كلمة الله التي حقت على المشركين من أهل مكة، قال تعالى :﴿ كذلك حَقَّت كلمات ربّك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ﴾ [ غافر : ٦ ]، أو التي حقّت للنبيء ﷺ أنه ينصره الله، قال تعالى :﴿ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إِنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فتولّ عنهم حتى حين ﴾ [ الصافات : ١٧١١٧٤ ].
ويجوز أن تكون مصدراً بمعنى الحق، فيصح أن يكون وصفاً ليوم القيامة بأنه حق كقوله تعالى :﴿ واقترب الوعد الحق ﴾ [ الأنبياء : ٩٧ ]، أو وصفاً للقرآن كقوله :﴿ إن هذا لهو القصص الحق ﴾ [ آل عمران : ٦٢ ]، أو أريد به الحق كله مما جاء به القرآن من الحق قال تعالى :﴿ هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ﴾ [ الجاثية : ٢٩ ] وقال :﴿ إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق ﴾ [ الأحقاف : ٣٠ ].
وافتتاح السورة بهذا اللفظ ترويع للمشركين.
و﴿ الحاقّة ﴾ مبتدأ و ﴿ مَا ﴾ مبتدأ ثان.
و﴿ الحاقّة ﴾ المذكورة ثانياً خبر المبتدأ الثاني والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول.
و﴿ ما ﴾ اسم استفهام مستعمل في التهويل والتعظيم كأنه قيل : أتدْري ما الحاقة؟ أي ما هي الحاقة، أيْ شيءٌ عظيم الحاقّةُ.
وإعادة اسم المبتدأ في الجملة الواقعة خبراً عنه تقوم مقام ضميره في ربط الجملة المخبر بها.
وهو من الإِظهار في مقام الإِضمار لقصد ما في الاسم من التهويل.
ونظيره في ذلك قوله تعالى :﴿ وأصحابُ اليمين ما أصحابُ اليمين ﴾ [ الواقعة : ٢٧ ].