والأخذ : مستعمل في الإِهلاك، وقد تقدم عند قوله تعالى :﴿ أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ﴾ في سورة الأنعام ( ٤٤ ) وفي مواضع أخرى.
وأخْذَةً :} واحدة من الأخذ، فيراد بها أخذ فرعون وقومه بالغرق، كما قال تعالى :﴿ فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ﴾ [ القمر : ٤٢ ]، وإذا أعيد ضمير الغائب إلى ﴿ فرعون ومن قبله والمؤتفكات ﴾ كان إفراد الأخذة كإفراد ﴿ رسول ربّهم، ﴾ أي أخذنا كل أمة منهم أخذة.
والرابية : اسم فاعل من ربَا يَربو إذا زاد فلما صيغ منه وزن فاعلة، قلبت الواو ياء لوقوعها متَحركة إثر كسرة.
واستعير الرُّبُوّ هنا للشدة كما تستعار الكثرة للشدة في نحو قوله تعالى :﴿ وادعوا ثبوراً كثيراً ﴾ [ الفرقان : ١٤ ].
والمراد بالأخذة الرابية : إهلاك الاستئصال، أي ليس في إهلاكهم إبقاء قليل منهم.
إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (١١)
إِنَّ قوله تعالى :﴿ ومَن قبله ﴾ [ الحاقة : ٩ ] لما شمل قومَ نوح وهم أول الأمم كذبوا الرسل حَسَّن اقتضاب التذكير بأخذهم لِمَا فيه من إدماج امتنان على جميع الناس الذين تناسلوا من الفئة الذين نجاهم الله من الغرق ليتخلص من كونه عِظة وعبرة إلى التذكير بأنه نعمة، وهذا من قبيل الإِدماج.
وقد بُني على شهرة مُهلك قوم نوح اعتبارُه كالمذكور في الكلام فجعل شرطاً ل ﴿ لمَّا ﴾ في قوله :﴿ إنا لمّا طغا الماء حملناكم في الجارية ﴾، أي في ذلك الوقت المعروف بطغيان الطوفان.
والطغيان : مستعار لشدته الخارقة للعادة تشبيهاً لها بطغيان الطاغي على الناس تشبيه تقريب فإن الطوفان أقوى شدة من طغيان الطاغي.
و﴿ الجارية ﴾ : صفة لمحذوف وهو السفينة وقد شاع هذا الوصف حتى صار بمنزلة الاسم قال تعالى :﴿ وله الجواري المنشآت في البحر ﴾ [ الرحمن : ٢٤ ].
وأصل الحمل وضع جسم فوق جسم لنقله، وأطلق هنا على الوضع في ظرف متنقل على وجه الاستعارة.