وقال القرطبى فى الآيات السابقة :
قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴾
إعطاء الكتاب باليمين دليلٌ على النجاة.
وقال ابن عباس : أوّلُ مَن يُعطَى كتابه بيمينه من هذه الأمة عمر بن الخطاب، وله شعاع كشعاع الشمس.
قيل له : فأين أبو بكر؟ فقال هيهات هيهات زَفَّته الملائكة إلى الجنة.
ذكره الثعلبي.
وقد ذكرناه مرفوعاً من حديث زيد بن ثابت بلفظه ومعناه في كتاب "التذكرة".
والحمد لله.
﴿ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقرؤا كِتَابيَهْ ﴾ أي يقول ذلك ثقةً بالإسلام وسروراً بنجاته ؛ لأن اليمين عند العرب من دلائل الفرح، والشِّمال من دلائل الغَمّ.
قال الشاعر :
أبِينِي أفي يُمْنَى يَدَيْكِ جعلتِني...
فأفرح أم صيَّرتنِي في شمالِك
ومعنى :"هَاؤُمُ" تعالوا ؛ قاله ابن زيد.
وقال مقاتل : هَلُمَّ.
وقيل : أي خذوا ؛ ومنه الخبر في الربا "إلا هَاءَ وَهَاءَ" أي يقول كلّ واحد لصاحبه : خذ.
قال ابن السِّكيّت والكسائي : العرب تقول هاءَ يا رجُل اقرأ، وللاثنين هاؤما يا رجلان، وهاؤم يا رجال، وللمرأة هاءِ ( بكسر الهمزة ) وهاؤما وهاؤُمْنَ.
والأصل هاكم فأبدلت الهمزة من الكاف ؛ قاله القتيبي.
وقيل : إن "هاؤم" كلمةٌ وضعت لإجابة الداعي عند النشاط والفرح.
" روي أن رسول الله ﷺ ناداه أعرابي بصوت عالٍ فأجابه النبيّ ﷺ "هاؤم" " يطوّل صوته.
"وَكِتَابِيَهْ" منصوب ب "هاؤم" عند الكوفيين.
وعند البصريين ب "اقرءوا" لأنه أقرب العاملين.
والأصل "كتابي" فأدخلت الهاء لتبيّن فتحة الياء، وكان الهاء للوقف، وكذلك في أخواته :"حِسَابِيَهْ، وماليه، وسلطانيه" وفي القارعة "ماهيه".
وقراءة العامة بالهاء فيهن في الوقف والوصل معاً ؛ لأنهنّ وقعن في المصحف بالهاء فلا تترك.
واختار أبو عبيد أن يتعمد الوقف عليها ليوافق اللغة في إلحاق الهاء في السَّكْت ويوافق الخط.


الصفحة التالية
Icon