﴿ إِنّى ظَنَنتُ أَنّى ملاق حِسَابِيَهْ ﴾ أي علمتُ، ولعلَّ التعبيرَ عنْهُ بالظنِّ للإشعارِ بأنَّهُ لا يقدحُ في الاعتقادِ ما يهجسُ في النفسِ من الخطراتِ التي لا ينفكُّ عنها العلومُ النظريةُ غالباً. ﴿ فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ ذاتِ رِضَا على النسبةِ بالصيغةِ كما يقالُ دارعٌ في النسبةِ بالحرفِ أو جُعل لها مجازاً وهو لصاحِبِهَا وذلكَ لكونِهَا صافيةً عن الشوائبِ دائمةً مقرونةً بالتعظيمِ. ﴿ فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ مرتفعةِ المكانِ لأنَّها في السماءِ أو الدرجاتِ أو الأبنيةِ والأشجارِ ﴿ قُطُوفُهَا ﴾ جمعُ قِطْفٍ وهُو ما يُجتَنَى بسرعةٍ والقَطْفُ بالفتحِ مصدرٌ. ﴿ دَانِيَةٌ ﴾ يتناولُهَا القاعدُ. ﴿ كُلُواْ واشربوا ﴾ بإضمارِ القولِ، والجمعُ باعتبارِ المَعْنَى ﴿ هَنِيئَاً ﴾ أكلاً وشرباً هنيئاً أو هنئتُم هنيئاً. ﴿ بِمَا أَسْلَفْتُمْ ﴾ بمقابلةِ ما قدَّمتُم من الأعمالِ الصالحةِ ﴿ فِى الأيام الخالية ﴾ أي الماضيةِ في الدُّنيا، وعن مجاهدٍ أيامُ الصيامِ. ورُوِيَ يقولُ الله تعالَى :" يا أوليائِي طالما نظرتُ إليكُم في الدُّنيا وقد قلصتْ شفاهُكُم عن الأشربةِ وغارتْ أعينُكُم وخَمُصتْ بطونُكُم فكونُوا اليومَ في نعيمِكُم وكُلُوا واشربُوا " الآيةَ. ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كتابه بِشِمَالِهِ ﴾ ورَأَى ما فيهِ من قبائحِ الأعمالِ ﴿ فَيَقُولُ ياليتنى لَمْ أُوتَ كتابيه وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴾ لما شاهدَ من سُوءِ العاقبةِ ﴿ ياليتها ﴾ يا ليتَ الموتةَ التي مِتُّها ﴿ كَانَتِ القاضية ﴾ أي القاطعةَ لأمرِي ولم أُبعثْ بعدَها، ولم ألقَ ما أَلقَى فضميرُ ليتِهَا للموتةِ، ويجوزُ أن يكونَ لِمَا شاهدَهُ من الحالةِ أي يا ليتَ هذه الحالةَ كانتِ الموتةَ التي قضتْ عليَّ لما أنَّهُ وجدَها أمرَّ من الموتَ فتمنَّاهُ عندَها وقد جُوِّزَ أن يكونَ للحياةِ الدُّنيا أيْ يا ليتَ الحياةَ الدُّنيا كانتِ الموتةَ ولم


الصفحة التالية
Icon