وقال الآلوسى :
﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كتابه بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يا ليتنى لَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كتابيه وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ ﴾
لما يرى من قبح العمل وانجلاء الحساب عما يسوءه.
﴿ يا لَيْتَهَا ﴾ أي الموتة التي متها في الدنيا ﴿ حِسَابِيَهْ ياليتها كَانَتِ القاضية ﴾ أي القاطعة لأمري ولم أبعث بعدها ولم ألق ما ألقى فالضمير للموتة الدال عليها المقام وإن لم يسبق لها ذكر ويجوز أن يكون لما شاهده من الحالة أي ليت هذه الحالة كانت الموتة التي قضت علي لما أنه وجدها أمر من الموت فتمناه عندها وقد قيل أشد من الموت ما يتمنى الموت عنده وقد جوز أن يكون للحياة الدنيا المفهومة من السياق أيضاً والمراد بالقاضية الموتة فقد اشتهرت في ذلك أي يا ليت الحياة الدنيا كانت الموتة ولم أخلق حياً وبتفسير القاضية بما ذكر اندفع ما قيل أنها تقتضي تجدد أمر ولا تجدد في الاستمرار على العدم نعم هذا الوجه لا يخلو عن بعد.
﴿ مَا أغنى عَنّى مَالِيَهْ ﴾ أي ما أغنى عني شيئاً الذي كان لي في الدنيا من المال ونحوه كالاتباع على أن ما في ما أغنى نافية وما في ماليه موصولة فاعل أغنى ومفعوله محذوف وليه جار ومجرور في موضع الصلة ويجوز أن يجعل ماليه عبارة عن مال مضاف إلى ياء المتكلم والأول أظهر شمولاً للاتباع ونحوها إذ لا يتأتى اعتبار ذلك على الثاني إلا باعتبار اللزوم ويجوز أن تكون ما في ما أغنى استفهامية للإنكار وماليه على احتمالية أي أي شيء أغنى عني مالي.


الصفحة التالية
Icon