﴿ ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا ﴾ أي قياسها ومقدار طولها ﴿ سَبْعُونَ ذِرَاعاً ﴾ يجوز أن يراد ظاهره من العدد المعروف والله تعالى أعلم بحكمة كونها على هذا العدد ويجوز أن يراد به التكثير فقد كثر السبعة والسبعون في التكثير والمبالغة ورجح بأنه أبلغ من إبقائه على ظاهره والذراع مؤنث قال ابن الشحنة وقد ذكره بعض عكل فيقال الثوب خمس أذرع وخمسة أذرع والمراد بها المعروفة عند العرب وهي ذراع اليد لأن الله سبحانه إنما خاطبهم بما يعرفون وقال ابن عباس وابن جريج ومحمد بن المنكدر ذراع الملك وأخرج ابن المبارك وجماعة عن نوف البكالي أنه قال وهو يومئذٍ بالكوفة الذراع سبعون باعاً والباع ما بينك وبين مكة ويحتاج إلى نقل صحيح وقال الحسن الله تعالى أعلم بأي ذراع هي والسلسلة حلق تدخل في حلق على سبيل الطول كأنها من تسلسل الشيء اضطرب وتنوينها للتفخيم وروي عن ابن عباس أنه قال لو وضع منها حلقة على جبل لذاب كالرصاص ﴿ فَاْسْلُكُوهُ ﴾ أي فادخلوه كما في قوله تعالى ﴿ فسلكه ينابيع في الأرض ﴾ [ الزمر : ٢١ ] وإدخاله فيها بأن تلف على جسده وتلوى عليه من جميع جهاته فيبقى مرهقاً فيما بينها لا يستطيع حراكاً ما وعن ابن عباس أن أهل النار يكونون فيها كالثعلب في الجبة والثعلب طرف خشبة الرمح والجبة الزج وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال قال ابن عباس أن السلسلة تدخل في استه ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود ثم يشوى وفي رواية أخرج عنهم أنها تسلك في دبره حتى تخرج من منخريه ومن هنا قيل أن في الآية قلباً والأصل فاسكلوها فيه والجمهور على الظاهر والفاء جزائية كما في قوله تعالى :﴿ وَرَبَّكَ فَكَبّرْ ﴾ [ المدثر : ٣ ] والتقدير مهما يكن من شيء فاسلكوه في سلسلة الخ فقدم الظرف وما معه عوضاً عن المحذوف ولتتوسط الفاء كما هو حقها وليدل على التخصيص كأنه قيل لا تسلكوه إلا في هذه السلسلة كأنها أفظع من سائر


الصفحة التالية
Icon