ونظيره ما حكي عنهم في قوله تعالى :﴿ دَعَوا هنالك ثبوراً ﴾ [ الفرقان : ١٣ ] وقوله :﴿ يا وَيْلَتَا ليتني لم أتَّخِذْ فُلاناً خليلاً ﴾ [ الفرقان : ٢٨ ] وقوله :﴿ يا ويلتنا ما لهذا الكتاب الآية ﴾ [ الكهف : ٤٩ ].
ثم أخذ يتحسر على ما فرط فيه من الخير في الدنيا بالإِقبال على ما لم يُجْدِه في العالم الأبدي فقال :﴿ ما أغنى عني مَاليَه ﴾، أي يقول ذلك من كان ذا مال وذا سلطان من ذلك الفريق من جميع أهل الإشراك والكفر، فما ظنك بحسرة من اتبعوهم واقتدوا بهم إذا رأوهم كذلك، وفي هذا تعريض بسادة مشركي العرب مثل أبي جهل وأمية بن خلف قال تعالى :﴿ وذرني والمكذبين أولي النَّعمة ﴾ [ المزمل : ١١ ].
وفي ﴿ أغْنَى عَنّي ﴾ الجناس الخَطِّي ولو مَع اختلاف قليل كما في قولهم "غرّك عِزُّك فَصَار قصارى ذَلِك ذُلّك".
ومعنى هلاك السلطان : عدم الانتفاع به يومئذٍ فهو هلاك مجازي.
وضمّن ﴿ هلك ﴾ معنى ( غاب ) فعدي بـ ( عن )، أي لم يحضرني سلطاني الذي عهدته.
والقول في هاءَات ﴿ كتابيهْ، وحسابيهْ، وماليهْ، وسلطانيهْ ﴾، كالقول فيما تقدم إلاّ أن حمزة وخلفاً قرآ هنا ﴿ ما أغنى عني مالِيه هلك عني سلطانيه ﴾ بدون هاء في حالة الوصل.
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠)
﴿ خذوه ﴾ مقول لقول محذوف موقعه في موقع الحال من ضمير ﴿ فيقول يا ليتني لم أَوْت كتابيه ﴾ [ الحاقة : ٢٥ ]، والتقدير : يُقال : خذوه.
ومعلوم من المقام أن المأمورين بأن يأخذوه هم الملائكة الموكلون بسَوق أهللِ الحساب إلى ما أُعد لهم.
والأخذ : الإِمساك باليد.


الصفحة التالية
Icon