والمقصود تأكيد وقوع ذلك والحثُّ على عدم التفريط في الفعل وأنه لا يرجى له تخفيف، ونظيره قوله تعالى :﴿ وربَّك فكبّر وثِيابَك فطهّر والرِّجز فاهجر ﴾ [ المدثر : ٣٥ ]، وتقدم عند قوله تعالى :﴿ قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ﴾ في سورة [ يونس : ٥٨ ].
والسلسلة : اسم لمجموع حَلَققٍ من حديد داخلٍ بعضُ تلك الحَلَق في بعض تجعل لِوثاق شخص كي لا يزول من مكانه، وتقدم في قوله تعالى :﴿ إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل ﴾ في سورة غافر ( ٧١ ).
وجملة ذرعها سبعون ذراعاً } صفة ﴿ سِلْسلة ﴾ وهذه الصفة وقعت معترضة بين المجرور ومتعلَّقِهِ للتهويل على المشركين المكذبين بالقارعة، وليست الجملة مما خوطب الملائكة الموكلون بسوْق المجرمين إلى العذاب، ولذلك فعَدَدُ السبعين مستعمل في معنى الكثرة على طريقة الكناية مثل قوله تعالى :﴿ إِنْ تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ﴾
[ التوبة : ٨٠ ].
والذَّرع : كيلُ طوللِ الجسم بالذراع وهو مقدار من الطول مقدر بذراع الإِنسان، وكانوا يقدرون بمقادير الأعضاء مثل الذراع، والأصبَع، والأنملة، والقَدم، وبالأبعاد التي بين الأعضاء مثل الشِبْر، والفِتْر، والرتب ( بفتح الراء والتاء )، والعَتَب، والبُصْم، والخُطوة.
وجملة ﴿ إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحضّ على طعام المسكين ﴾ في موضع العلة للأمر بأخذه وإصلائه الجحيم.
ووصف الله بالعظيم هنا إيماء إلى مناسبة عظم العذاب للذنب إذ كان الذنب كفراناً بعظيم فكان جزاء وفاقاً.
والحض على الشيء : أن يَطْلُبَ من أحد فعلَ شيء ويُلِحّ في ذلك الطلب.
ونفي حضه على طعام المسكين يقتضي بطريق الفحوى أنه لا يُطعم المسكين من ماله لأنه إذا كان لا يأمر غيره بإطعام المسكين فهو لا يطعمه من ماله، فالمعنى لا يطعم المسكين ولا يأمر بإطعامه، وقد كان أهل الجاهلية يطعمون في الولائم، والميسر، والأضيَاف، والتحابُب، رياء وسُمعة.