لأنها كانت في عجز الشتاء، ولا يزال بردها يكرر في كل سنة، أو لأن عجوزا من قوم عاد دخلت سر بها لتقي نفسها منها فاتبعتها الريح فأهلكتها "فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ" لمن يراهم "أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ" ٧ أجوافها ساقطة بالية، شبههم بجذوع النخيل الساقطة ليس لها رءوس لما قالوا إن الريح كانت تدخل من أفواههم فتخرج من أدبارهم حتى صاروا كأعجاز النخل البالية "فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ" ٨ أيها الرائي إذا كان إهلاكهم على هذه الصورة ؟ كلا، قالوا إنها أهلكتهم جميعهم في سبعة أيام وفي الثامن القت جثتهم في البحر، فلم يبق لهم أثر فهذه كيفية تدميرهم أيها السائل عنهم، راجع قصتهم في الآية ٥٠ فما بعدها من سورة هود المارة، ولهذا فإن عادا الأولى لا ينسب إليها أحد أن اللّه تعالى أخبر أن لا باقية لها، وما جاء في بحث الخراج العشر بلفظ عادي الأرض فهو منسوب إليهم إذ بقيت ديارهم مهجورة، قال تعالى (فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ) الآية ٥٨ من سورة القصص المارة.
قال تعالى "وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ" من الأمم الكافرة بعد عاد وثمود "وَالْمُؤْتَفِكاتُ" قرى قوم لوط وهي خمسة صبعه وصعوه وعمرة ودوما وسدوم، وهي أعظم قراهم، قلبها اللّه تعالى بأهلها فهن المنقلبات بالخسف، والأمم الذين ائتفكوا بذنوبهم أي "بِالْخاطِئَةِ" ٩ وهي الفعلة ذات الخطأ الكبير "فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ" أولئك الأقوام "فَأَخَذَهُمْ" اللّه الذي أرسله رحمة بهم فكذبوه فصار بغيهم عليهم نقمة وصارت أخذتهم "أَخْذَةً رابِيَةً" ١٠ نامية زائدة بالشدة على عقوبات غيرهم من الكفار بالنسبة لزيادة بغيهم.


الصفحة التالية
Icon