الصرصر الشديدة الصوت لها صرصرة وقيل : الباردة من الصر كأنها التي كرر فيها البرد وكثر فهي تحرق بشدة بردها، وأما العاتية ففيها أقوال : الأول : قال الكلبي : عتت على خزنتها يومئذ، فلم يحفظوا كم خرج منها، ولم يخرج قبل ذلك، ولا بعده منها شيء إلا بقدر معلوم، قال عليه الصلاة والسلام : طغى الماء على خزانه يوم نوح، وعتت الريح على خزانها يوم عاد، فلم يكن لها عليها سبيل، فعلى هذا القول : هي عاتية على الخزان الثاني : قال عطاء عن ابن عباس : يريد الريح عتت على عاد فما قدروا على ردها بحيلة من استتار ببناء أو ( استناد إلى جبل )، فإنها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم القول الثالث : أن هذا ليس من العتو الذي هو عصيان، إنما هو بلوغ الشيء وانتهاؤه ومنه قولهم : عتا النبت، أي بلغ منتهاه وجف، قال تعالى :﴿وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكبر عِتِيّاً﴾ [ مريم : ٨ ] فعاتية أي بالغة منتهاها في القوة والشدة.
قوله تعالى :﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وثمانية أَيَّامٍ حُسُوماً﴾ قال مقاتل : سلطها عليهم.
وقال الزجاج : أقلعها عليهم، وقال آخرون : أرسلها عليهم، هذه هي الألفاظ المنقولة عن المفسرين، وعندي أن فيه لطيفة، وذلك لأن من الناس من قال : إن تلك الرياح إنما اشتدت، لأن اتصالاً فلكياً نجومياً اقتضى ذلك، فقوله :﴿سَخَّرَهَا﴾ فيه إشارة إلى نفي ذلك المذهب، وبيان أن ذلك إنما حصل بتقدير الله وقدرته، فإنه لولا هذه الدقيقة لما حصل منه التخويف والتحذير عن العقاب.