والقول الثالث أنه ابتدىء إنزاله فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك منجما فى أوقات مختلفة من سائر الأوقات
والقول الأول أشهر وأصح وإليه ذهب الأكثرون ويؤيده ما رواه الحاكم فى مستدركه عن ابن عباس قال أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا فى ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك فى عشرين سنة قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وأخرج النسائى فى تفسير من جهة حسان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال فصل القرآن من الذكر فوضع فى بيت العزة من السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل به على النبى ﷺ وإسناده صحيح وحسان هو ابن أبى الأشرس وثقة النسائى وغيره
وبالثانى قال مقاتل والإمام أبو عبد الله الحليمى فى المنهاج والماوردى فى تفسيره
وبالثالث قال الشعبى وغيره
واعلم أنه اتفق أهل السنة على أن كلام الله منزل واختلفوا فى معنى الإنزال فقيل معناه إظهار القرآن وقيل إن الله أفهم كلامه جبريل وهو فى السماء وهو عال من المكان وعلمه قراءته ثم جبريل أداه فى الأرض وهو يهبط فى المكان
والتنزيل له طريقان أحدهما أن رسول الله ﷺ انخلع من صورة البشرية إلى صورة الملائكة وأخذه من جبريل والثانى أن الملك انخلع إلى البشرية حتى يأخذ الرسول منه والأول أصعب الحالين
ونقل بعضهم عن السمرقندى حكاية ثلاثة أقوال فى المنزل على النبى ﷺ ما هو
أحدها أنه اللفظ والمعنى وأن جبريل حفظ القرآن من اللوح المحفوظ ونزل به وذكر بعضهم أن أحرف القرآن فى اللوح المحفوظ كل حرف منها بقدر جبل قاف وأن تحت كل حرف معان لا يحيط بها إلا الله عز وجل وهذا معنى قول الغزالى إن هذه الأحرف سترة لمعانيه والثانى أنه إنما نزل جبريل على النبى ﷺ بالمعانى خاصة وأنه ﷺ علم تلك المعانى وعبر عنها بلغة العرب وإنما تمسكوا بقوله تعالى نزل به الروح الأمين على قلبك


الصفحة التالية
Icon