وفي قوله :﴿وبينات﴾ إعلان بذكر ما يجده الصائم من نور قلبه وانكسار نفسه وتهيئة فكره لفهمه ليشهد تلك البينات في نفسه وكونها ﴿من الهدى﴾ الأعم الأتم الأكمل الشامل لكافة الخلق ﴿والفرقان﴾ الأكمل، وفي حصول الفرقان عن بركة الصوم والذي هو بيان رتب ما أظهر الحق رتبه على وجهه إشعار بما يؤتاه الصائم من الجمع الذي هو من اسمه الجامع الذي لا يحصل إلا بعد تحقق الفرقان، فإن المبني على التقوى المنولة للصائم في قوله في الكتب الأول لعلكم تتقون} فهو صوم ينبني عليه تقوى ينبني عليها فرقان كما قال تعالى ﴿إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً﴾ [الأنفال : ٢٩] ينتهي إلى جمع يشعر به نقل الصوم من عدد الأيام إلى وحدة الشهر - انتهى. فعلى ما قلته المراد بالهدى الحقيقة، وعلى ما قاله الحرالي هو مجاز علاقته السببية لأن الصوم مهيىء للفهم وموجب للنور، ﴿الهدى﴾ المعرف الوحي أعم من الكتاب والسنة أو أم الكتاب أو غير ذلك، وعلى ما قال الحرالي يصح أن يراد به القرآن الجامع للكتب كلها فيعم الكتب الأول للأيام، والفرقان هو الخاص بالعرب الذي أعرب عن وحدة الشهر. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٤٢ ـ ٣٤٣﴾
قال الفخر :
في الآية مسائل :
المسألة الأولى : الشهر مأخوذ من الشهرة يقال، شهر الشيء يشهر شهرة وشهرا إذا ظهر، وسمي الشهر شهراً لشهرة أمره وذلك لأن حاجات الناس ماسة إلى معرفته بسبب أوقات ديونهم، وقضاء نسكهم في صومهم وحجهم، والشهرة ظهور الشيء وسمي الهلال شهراً لشهرته وبيانه قال بعضهم سمي الشهر شهراً باسم الهلال.
المسألة الثانية : اختلفوا في رمضان على وجوه أحدها : قال مجاهد : إنه اسم الله تعالى، ومعنى قول القائل : شهر رمضان أي شهر الله وروي عن النبي ﷺ أنه قال :" لا تقولوا جاء رمضان وذهب رمضان ولكن قولوا : جاء شهر رمضان وذهب شهر رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى "


الصفحة التالية
Icon