والقلة في معنى العدم يقال : هذه أرض قلما تنبت أي لا تنبت أصلاً، والمعنى لا تؤمنون ولا تذكرون البتة ﴿ تَنزِيلٌ ﴾ هو تنزيل بياناً لأنه قول رسول نزل عليه ﴿ مّن رّبّ العالمين ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل ﴾ ولو ادعى علينا شيئاً لم نقله ﴿ لأخَذْنَا مِنْهُ باليمين ﴾ لقتلناه صبراً كما يفعل الملوك بمن يتكذب عليهم معالجة بالسخط والانتقام، فصور قتل الصبر بصورته ليكون أهول، وهو أن يؤخذ بيده وتضرب رقبته، وخص اليمين لأن القتّال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخد بيساره، وإذا أراد أن يوقعه في جيده وأن يكفحه بالسيف وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف أخذ بيمينه، ومعنى لأخذنا منه باليمين لأخدنا بيمينه، وكذا ﴿ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوتين ﴾ لقطعنا وتينه وهو نياط القلب إذا قطع مات صاحبه ﴿ فَمَا مِنكُم ﴾ الخطاب للناس أو للمسلمين ﴿ مّنْ أَحَدٍ ﴾ "من" زائدة ﴿ عَنْهُ ﴾ عن قتل محمد وجمع ﴿ حاجزين ﴾ وإن كان وصف ﴿ أَحَدٍ ﴾ لأنه في معنى الجماعة ومنه قوله تعالى ﴿ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ ﴾ [ البقرة : ٢٨٥ ] ﴿ وَإِنَّهُ ﴾ وإن القرآن ﴿ لِتَذْكِرَةٌ ﴾ لعظة ﴿ لّلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذّبِينَ وَإِنَّهُ ﴾ وإن القرآن ﴿ لَحَسْرَةٌ عَلَى الكافرين ﴾ به المكذبين له إذا رأوا ثواب المصدقين به ﴿ وَإِنَّهُ ﴾ وإن القرآن ﴿ لَحَقُّ اليقين ﴾ لعين اليقين ومحض اليقين ﴿ فَسَبِّحْ باسم رَبّكَ العظيم ﴾ فسبح الله بذكر اسمه العظيم وهو قوله سبحان الله. أ هـ ﴿تفسير النسفى حـ ٤ صـ ٢٨٥ ـ ٢٨٩﴾


الصفحة التالية
Icon