قوله تعالى :﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ﴾.
تقدم للشيخ رحمه الله بيان قضية أخذ الكتب وحقيقتها، عند قوله تعالى :﴿ وَوُضِعَ الكتاب ﴾ [ الكهف : ٤٩ ] في سورة الكهف.
وكذلك بحثها في كتابه دفع إيهام الاضطراب، وبيان القسم الثالث من وراء ظهره، وفي هذا التفصيل في حق الكتاب والكتابة وتسجيل الأعمال وإيتائها بنصوص صريحة واضحة، كقوله تعالى :﴿ وَوُضِعَ الكتاب فَتَرَى المجرمين مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ ﴾ [ الكهف : ٤٩ ].
وقولهم صراحة :﴿ يا ويلتنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ ُصَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ﴾ [ الكهف : ٤٩ ].
وقوله :﴿ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ ق : ١٨ ].
وقوله :﴿ اقرأ كَتَابَكَ كفى بِنَفْسِكَ اليوم عَلَيْكَ حَسِيباً ﴾ [ الإسراء : ١٤ ]، فهو كتاب مكتوب ينشر يوم القيامة يقرؤه كل إنسان بنفسه مما يرد قول من يجعل أخذ الكتاب باليمين أو الشمال كناية عن اليمن والشؤم. وهذا في الواقع إنما هو من شؤم التأويل الفاسد وبدون دليل عليه، والمسمى عند الأصوليين باللعب. نسأل الله السلامة والعافية.
مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨)
قيل : فيما إنها استفهامية بمعنى أي شيء أغنى عني ماليه، والجواب لا شيء، وقيل : نافية، أي لم يغن عني ماليه شيئاً في هذا اليوم، ويشهد لهذا المعنى الثاني قوله تعالى :﴿ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالُ وَلاَ بَنُونَ ﴾ [ الشعراء : ٨٨ ].
هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (٢٩)
أي لا سلطان ولا جاه ولا سلطة لأحد في ذلك اليوم، كما في قوله تعالى :﴿ وَعُرِضُواْ على رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ [ الكهف : ٤٨ ] حفاة عراة.
وقوله :﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فرادى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ ﴾ [ الأنعام : ٩٤ ].


الصفحة التالية
Icon