" فوائد لغوية وإعرابية فى السورة الكريمة "
قال السمين :
سورة الحاقة
الْحَاقَّةُ (١)
قوله :﴿ الحاقة ﴾ : مبتدأٌ و " ما " مبتدأٌ ثانٍ، و " الحاقَّةُ " خبرُه، والجملةُ خبرُ الأوِل، وقد تَقَدَّم تحريرُ هذا في الواقعة. وهناك سؤالٌ حسنٌ وجوابٌ مثلُه فعليك باعتبارِه. والحاقَّةُ فيها وجهان، أحدهما : أنَّه وصفٌ اسمُ فاعلٍ بمعنى : أنها تُبْدِي حقائق الأشياءِ. وقيل : لأنَّ الأمرَ يَحِقُّ فيها فهي من باب : ليلٌ نائمٌ ونهارٌ صائمٌ. وقيل : مِنْ حَقَّ الشيءُ : ثَبَتَ فهي ثابتةٌ كائنةٌ. وقيل : لأنها تَحُقُّ كلَّ مُحاقٍّ في دينِ اللَّهِ، أي : تَغْلِبُه. مِنْ حاقَقْتُه فحقَقْتُه أحُقُّه، أي : غَلَبْتُه. والثاني : أنها مصدرٌ كالعاقبةِ والعافيةِ.
مَا الْحَاقَّةُ (٢)
قوله :﴿ مَا الحاقة ﴾ : في موضعِ نصبٍ على إسقاطِ الخافض ؛ لأنَّ أَدْرَى بالهمزةِ، ويتعدَّى لاثنينِ، الأَولُ بنفسه. والثاني : بالباءِ، قال تعالى :﴿ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ ﴾ [ يونس : ١٦ ] فلَمَّا وَقَعَتْ جملةُ الاستفهامِ مُعَلِّقَةً لها كانَتْ في موضوع المفعولِ الثاني، ودونَ الهمزة تَتَعْدَّى لواحدٍ بالباء نحو : دَرَيْتُ بكذا، ويكونَ بمعنى عَلِمَ فيتعدَّى لاثنين.
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (٥)
قوله :﴿ فَأُهْلِكُواْ ﴾ : هذه قراءةُ العامَّةِ. وقرأ زيدُ ابن علي " فَهَلَكوا " مبنياً للفاعلِ مِنْ هَلَكَ ثلاثياً.
قوله :﴿ بالطاغية ﴾، أي : بالصيحةِ المتجاوزةِ للحدِّ. وقيل : بالفَعْلةِ الطاغيةِ. وقيل : بالرجلِ الطاغيةِ، وهو عاقِرُ الناقةِ، والهاء للمبالغةِ، فالطاغيةُ على هذه الأوجه صفةٌ. وقيل : الطاغيةُ مصدرٌ ويُوَضِّحُه ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَآ ﴾ [ الشمس : ١١ ] والباءُ للسببيةِ على الأقوالِ كلِّها، إلاَّ القولَ الأولَ فإنها للاستعانةِ ك " عَمِلْتُ بالقَدُوم ".