ولما كان أخذه أخذاً يتلاشى عنده كل أخذ لأن من افترى على الملوك لا يفعل به إلا ذلك قال :﴿منه﴾ أي خاصة ﴿باليمين﴾ أي التي هي العضو الأقوى منه فيها يكون بطشه فنذهبه بشدة بطشنا، أو اليمين منا، فيكون كناية عن أخذنا له بغاية القوة، فإن قوة كل شيء في ميامنه، وقيل : إذا أراد الملك إهانة شخص قال : خذه يا فلان، فيأخذه بيمينه، فهو كناية عن الإذلال، وقيل : هذا تصوير قتل الصبر بأشنع صورة، فإن الملك إذا أراد التخفيف على من يقتله أمر السياف فأخذ يساره بيساره، وضرب بالسيف من ورائه لأن العنق من خلف أوسع فيكون أسرع قطعاً ولا يرى المقتول لمع السيف، وإن أراد التعذيب والمبالغة في الإهانة أخذ يده اليمنى بيده اليسرى وضربه وهو مستقبل له يرى لمع السيف، وربما وقعت الضربة لضيق المجال من قدام في حنكه فيحتاج إلى ثانية وثالثة فهو أفحش.
ولما صور مبدأ الإهلاك بأفظع صورة، أتمه مشيراً إلى شدة بشاعته بحرف التراخي فقال :﴿ثم لقطعنا﴾ حتماً بلا مثنوية بما لنا من العظمة قطعاً يتلاشى عنده كل قطع ﴿منه الوتين﴾ أي العرق الأعظم في العنق الثابت الدائم المتين الذي يسمى الوريد، وهو بين العلباء والحلقوم، وعن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أنه نياط القلب، وفي القاموس : عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه - انتهى.


الصفحة التالية
Icon