وقال الليث :" هي الشُّؤْمُ : يقال : هذه ليالي الحُسومِ، أي : تَحْسِم الخيرَ عن أهلِها. وعندي أنَّ هذين القولَيْن يَرْجِعان إلى القول الأول ؛ لأنَّ الفصلَ قَطْعٌ، وكذلك الشُّؤْمُ لأنَّه يقطعُ الخيرَ. والجملةُ مِنْ قولِه " سَخَّرها " يجوزُ أَنْ تكونَ صفةً ل " ريح "، وأَنْ تَكونَ حالاً منها لتخصُّصها بالصفةِ، أو من الضميرِ في " عاتية "، وأَنْ تكون مستأنفةً.
قوله :﴿ فِيهَا صرعى ﴾ صَرْعَى حالٌ، جمعُ صَريع نحو : قتيل وقَتْلى، وجريح وجَرْحى، والضمير في " فيها " للأيام والليالي، أو للبيوت، أو للرِيح، أظهرُها الأولُ لقُرْبِه، ولأنَّه مذكورٌ.
وقوله :﴿ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ ﴾ حالٌ من القوم، أو مستأنفةٌ. وقرأ أبو نهيك " أَعْجُزُ " على أَفْعُل نحو : ضَبُع وأَضْبُع. وقُرِىء " نخيل " حكاه الأخفشُ، وقد تقدَّم أنَّ اسم الجنس يُذَكَّرُ ويؤنَّثُ، واختير هنا تأنيثهُ للفواصلِ، كما اخْتِير تذكيرُه لها في سورةِ القمر كما تقدَّم التنبيهُ عليه.
فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨)
قوله :﴿ فَهَلْ ترى ﴾ : أدغم اللامَ في التاءِ أبو عمروٍ وحَده، وتقدم في الملك. و " مِنْ باقية " مفعولُه و " مِنْ " مزيدةٌ، والتاءُ في " باقية " قيل : للمبالغةِ، أي : مِنْ باقٍ، والأحسنُ أَنْ تكونَ صفةً لفرقةٍ أو طائفة ونحو ذلك.
وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ (٩)
قوله :﴿ وَمَن قَبْلَهُ ﴾ : قرأ بكسر القاف وفتح الباء أبو عمروٍ والكسائي، أي : ومَنْ هو في جهتِه، ويؤيِّدُه قراءةُ أبي موسى و " مَنْ تِلْقَاءَه " وقرأه أُبَيٌّ " ومَنْ تبعه "، والباقون بالفتحِ والسكونِ على أنَّه ظرفٌ، أي : ومَنْ تقدَّمه.